رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

قصة سليمان بن يسار مع الأعرابية

صفحة 103 - الجزء 1

  ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ بَيْنَ كُمَّيْهِ فَأَخَذَ فِي النَّحِيبِ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ سَدَلَتِ الْبُرْقُعَ عَلَى وَجْهِهَا وَرَفَعَتْ رِجْلَيْهَا بِأَكْوَابٍ حَتَّى رَجَعَتْ إِلَى خَيْمَتِهَا.

  فَجَاءَ رَفِيقُهُ وَقَدِ ابْتَاعَ لَهُمْ مَا يَرْفُقُهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ وَقَدِ انْتَفَخَتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْبُكَاءِ، وَانْقَطَعَ حَلْقُهُ.

  قَالَ: مَا يُبْكِيكَ.؟

  قَالَ: «خَيْرٌ ذَكَرْتُ صِبْيَتِي».

  قَالَ: لاَ، إِنَّ لَكَ قِصَّةً.

  إِنَّمَا عَهْدُكَ بِصِبْيَتِكَ مُنْذُ ثَلاَثٍ أَوْ نَحْوِهَا، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ رَفِيقُهُ حَتَّى أَخْبَرَهُ بِشَأْنِ الأَعْرَابِيَّةِ.

  فَوَضَعَ السُّفْرَةَ وَجَعَلَ يَبْكِي بُكَاءً شَدِيدًا.

  فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: «أَنْتَ مَا يُبْكِيكَ».؟

  قَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِالْبُكَاءِ مِنْكَ.

  قَالَ: «فَلِمَ».؟

  قَالَ: لأَنِّي أَخْشَى لَوْ كُنْتُ مَكَانَكَ لَمَا صَبَرْتُ عَنْهَا.

  قَالَ: فَمَا زَالاَ يَبْكِيَانِ.