رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

قرناء السوء

صفحة 122 - الجزء 1

  وَأَقَلُّ مَا تَسْتَفِيدُهُ مِنَ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ - وَهِيَ فَائِدَةٌ لاَ يُسْتَهَانُ بِهَا - أَنْ تَكُفَّ بِسَبَبِهِ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَالْمَعَاصِيَ، رِعَايَةً لِلصُّحْبَةِ وَمُنَافَسَة فِي الْخَيْرِ، وَتَرَفُّعًا عَنِ الشَّرِّ، وَأَنْ يَحْفَظَكَ فِي حَضْرَتِكَ وَمَغَيبِكَ، وَأَنْ تَنْفَعَكَ مَحَبَّتُهُ وَدُعَاؤُهُ فِي حَالِ حَيَاتِكَ، وَبَعْدَ مَمَاتِكَ، وَأَنْ يُدَافِعَ عَنْكَ بِسَبَبِ اتِّصَالِهِ بِكَ، وَمَحَبَّتِهِ لَكَ ..

  وَفَوَائِدُ الأَصْحَابِ الصَّالِحِينَ لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى، وَحَسْبُ الْمَرْءِ أَنْ يُعْتَبَرَ بِقَرِينَهِ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ.

  وَأَمَّا مُصَاحَبَةُ الأَشْرَارِ: فَإِنَّهَا بِضِدِّ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وُهُمْ مَضَرَّةٌ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ عَلَى مَنْ صَاحَبَهُمْ، وَشَرٌّ عَلَى مَنْ خَالَطَهُمْ.

  فَكَمْ هَلَكَ بِسَبَبِهِمْ مِنْ أَقْوَامٍ.

  وَكَمْ قَادُوا أَصْحَابَهُمْ إِلَى الْمَهَالِكِ، مِنْ حَيْثُ يَشْعُرُونَ، وَمِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونُ.

  وَلِهَذَا كَانَ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ، أَنْ يُوَفِّقَهُ لِصُحْبَةِ الأَخْيَارِ، وَمِنْ عُقُوبَتِهِ لِعَبْدِهِ، أَنْ يَبْتَلِيَهُ بِصُحْبَةِ الأَشْرَارِ.

  صُحْبَةُ الأَخْيَارِ تُوصِلُ الْعَبْدَ إِلَى أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَصُحْبَةُ الأَشْرَارِ تُوصِلُه إِلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ.