رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

حقوق الوالدين

صفحة 14 - الجزء 1

  وَقَوْلُهُ: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، يَقُولُ: وَأَمَرَكُمْ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِمَا وَتَبَرُّوهُمَا.

  وَمَعْنَى الْكَلاَمِ: وَأَمَرَكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَى الْوَالِدَيْنِ.

  يَا بُنَيَّ: لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِالذُّلِّ إِلاَّ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْمُؤْمِنِينَ: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤}.

  وَخَفْضُ الْجَنَاحِ، هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّوَاضُعِ لَهُمَا، وَالرِّفْقِ بِهِمَا، وَالرَّحْمَةِ لَهُمَا، وَلِينِ الْجَانِبِ لِوَالِدَيْهِ رَحْمَةً بِهِمَا.

  فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الأَبْنَاءَ بِالتَّوَاضُعِ للأَبَوَيْنِ فِي تَصَرُّفِهِمْ مَعَهَمُا، حَتَّى يَبْدُو الأَبْنَاءَ وَكَأَنَّهُمْ أَذِلاَّءُ مِنْ شِدَّةِ الرَّحْمَةِ، لاَ يَرُدُّونَ لَهُمَا طَلَباً، وَلاَ يَرْفُضُونَ لَهُمَا أَمْراً.

  ثُمَّ أَمْرَ الأَبْنَاءَ بِالدُّعَاءِ لِلأَبَوَيْنِ، وَالتَّرَحُّمْ عَلَيْهِمَا، جَزَاءَ مَا احْتَمَلاَه فِي تَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ مِنْ عَنَاءٍ وَمَشَقَّةٍ وَعَنَتٍ.

  فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤} يَقُولُ: ادْعُ اللَّهَ لِوَالِدَيْكَ بِالرَّحْمَةِ، وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا وَتَعَطَّفْ عَلَيْهِمَا بِمَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ، كَمَا تَعَطَّفَا عَلَيَّ فِي صِغَرِي، فَرَحِمَانِي وَرَبَّيَانِي صَغِيرًا، حَتَّى اسْتَقْلَلْتُ بِنَفْسِي، وَاسْتَغْنَيْتُ عَنْهُمَا.