رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

حقوق الوالدين

صفحة 15 - الجزء 1

  يَا بُنَيَّ: كَمْ مَرَّةً تَغِيبُ عَنِ الْبَيْتِ لأَوْقَاتٍ طَوِيلَةٍ، وَوَالِدَيْكَ لاَ يَعْلَمَانِ عَنْكَ شَيْئًا، لاَ يَعْلَمَانِ وَقْتَ خُرُوجِكَ، وَلاَ يَعْلَمَانِ وَقْتَ حُضُورِكَ، بِحُجَّةِ الْعَمَلِ، غَيْرَ مُبَالٍ بِحَالِهِمَا، وَلاَ مُكْتَرِثٍ بِالإِسَاءةِ إِلَيْهِمَا، أَمَا إِنَّكَ بِتَصَرُّفِكَ هَذَا قَدْ جَرَحْتَ قُلُوبِهِمَا، وَأَحْزَنْتَهُمَا.

  أَلَمْ تَعْلَمْ يَا بُنَيَّ: أَنَّ مَنْ أَدْخَلَ عَلَى أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا حُزْناً فَهُوَ عَاقٌّ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعُقُوقِ.؟

  كَمَا رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بن حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ $: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷: «مَنْ أَحْزَنَ وَالِدَيْهِ فَقَدْ عَقَّهُمَا» ..

  يَا بُنَيَّ: أَهَكَذَا يَكُونُ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، وَقَدْ كَانَا يَحْمِلاَنِ أَذَاكَ وَكَلَّكَ، وَعَظِيمَ الْمَشَقَّةِ فِي تَرْبِيَتِكَ، وَغَايَةَ الإِحْسَانِ إِلَيْكَ، رَاجِينَ حَيَاتَكَ، مُؤَمَّلِينَ سَعَادَتَكَ.؟

  يَا بُنَيَّ: أَهَكَذَا يَكُونُ الْبِرُّ بِأَبِيكَ، الَّذِي رَبَّاكَ وَعَلَّمَكَ وَأَنْتَ صَغِيرٌ، وَأَنْفَقُ عَلَيْكَ حَتَّى كَبُرْتَ، وَأَصْبَحْتَ رَجُلاً، وَتَكفَّلَ لَكَ بِكُلِّ حَاجَاتِكِ، مِنْ كِسْوَةٍ، وَنَفَقَةٍ، وَعِلاَجٍ، وَتَعْلِيمٍ، وَتَزْوِيجٍ وَمَسْكَنٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي لاَ يُمْكِنُ حَصْرُهَا ...