حقوق الوالدين
  لَوْ تَعْلَمُ مَا كَانَ أَبُوكَ يُكَابِدُ، وَيُقَاسِي مِنَ الشَّدَائِدِ، يَوْمَ أَنْ كُنْتَ مَرِيضًا، وَهُوَ يَبْحَثُ لَكَ عَنْ دَوَاءٍ، أَوْ عِلاَجٍ شَافٍ لِمَرَضِكَ، عِنْدَ هَذَا الطَّبِيْب أَوَ ذَاكَ الطَّبِيبُ.؟
  لَوْ تَعْلَمُ مَا كانَ يُعَانِيْهِ أَبُوكَ مِنْ هُمُومٍ، وَغُمُومٍ، وَقَلَقٍ، شَفَقَةً عَلَيْكَ، وَاهْتِمَامًا بِشَأْنِكَ، وَصِحَّتِكَ وَعَافِيَتِكَ، وَحَيَاتِكِ.؟
  لَقَدْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَشَدَّ الْعَنَاءِ، وَالتَّعَبِ، وَأَشَقَّ الْمَشَقَّةِ وَالأَذَى وَضَحَّى بِأَنْفَسِ مَا لَدَيْهِ، مِنْ أَجْلِكَ.
  وَمَهْمَا بَذَلَ الإِنْسَانُ مِنْ عَمَلٍ فَلَنْ يَسْتَطِيعَ أَنْ يَجْزِيَ وَالِدَهُ، إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ.
  كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ÷: «لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ».
  قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الآثَارِ: فَكَانَ ذَلِكَ إخْبَارًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنَ الْوَلَدِ بِوَالِدِهِ جَزَاءٌ لَهُ عَمَّا كَانَ مِنْهُ فِيهِ بِحَقِّ أُبُوَّتِهِ ... انْتَهَى.
  وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: يَجْزِيَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، أَيْ: لاَ يُكَافِئهُ بِإِحْسَانِهِ، وَقَضَاءِ حَقِّهِ، إِلاَّ أَنْ يُعْتِقهُ. انْتَهَى.