الكذب:
الْكَذِبُ:
  يَا بُنَيَّ: إِيَّاكَ وَالكَذِبَ فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَلاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا، وَيَسْتَقِرَّ الْفُجُورُ فِي قَلْبِهِ، فَلاَ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ مَوْضِعُ إِبْرَةٍ لِيَسْتَقِرَّ فِيهَا.
  وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ: أَنَّ الْكَذِبَ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ، وَهُوَ مِنْ قَبَائِحِ الأُمُورِ وَرَذَائِلِهَا، وَفَوَاحِشِ الْعُيُوبِ، وَهُوَ جِمَاعُ كُلِّ شَرٍّ، وَأَصْلُ كُلِّ ذَمٍّ، لِسُوءِ عَوَاقِبِهِ، وَخُبْثِ نَتَائِجِهِ، لأَنَّهُ يُنْتِجُ النَّمِيمَةَ، وَالنَّمِيمَةُ تُنْتِجُ الْبَغْضَاءَ، وَالْبَغْضَاءُ تُؤَوَّلُ إلَى الْعَدَاوَةِ، وَلَيْسَ مَعَ الْعَدَاوَةِ أَمْنٌ وَلاَ رَاحَةٌ.
  وَلِذَلِكَ قِيلَ: «مَنْ قَلَّ صِدْقُهُ قَلَّ صَدِيقُهُ».
  وَالْكَذِبُ رَذِيلَةٌ مَحْضَةٌ، مِنْ أَرْذَلِ الرَّذَائِلِ، يُنْبِئُ عَنْ تَغَلْغُلِ الفَسَادِ فِي نَفْسِ صَاحِبِهَا، وَعَنْ سُلُوكٍ يُنْشِئُ الشَّرَّ إِنْشَاءً.
  فَالْكَذِبُ يَتَصَدَّعُ بِهِ بُنْيَانُ الْمَجْتَمَعِ، وَبِهِ يَخْتَلُّ سَيْرُ الأُمُورِ وَيُسْقِطُ صَاحِبَهُ مِنَ الْعُيُونِ، وَلاَ يُوثَقُ فِي قَوْلِهِ، وَلاَ يُوثَقُ بِهِ فِي عَمَلٍ، وَلاَ يَرْغَبُ لَهُ مَجْلِسٌ، وَأَحْادِيثُهُ عِنْدَ النَّاسِ مَتْرُوكَةٌ، وَشَهَادَتُهُ مَرْدُودَةٌ ...