حقيقة الرياء
  وَقَوْلُهُ ÷: «مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ طَمَسَ اللَّهُ وَجْههُ، وَمَحَقَ ذِكْرهُ، وَأَثْبَتَ اسْمهُ فِي النَّارِ(١)»، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ. انْتَهَى ...
  ثُمَّ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ الرِّيَاءَ فِي كِتَابِهِ أَشَدَّ التَّحْرِيمِ، وَنَهَى عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ، وَذَمَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَجَعَلَهُ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ، وَقَدْ شَهِدَ بِتَحْرِيمِهِ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الأُمَّةِ.
  أَمَّا الْكِتَابُ: فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ٤ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ٥ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ٦ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ٧}.
  وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ٩}.
  فَمَدْحُ الْمُخْلِصِينَ بِنَفْيِ كُلِّ إِرَادَةٍ سِوَى وَجْهِ اللَّهِ وَالرِّيَاءُ ضِدُّهُ وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ١١٠}، نَزَلَ ذَلِكَ فِيمَنْ يَطْلُبُ الأَجْرَ وَالْحَمْدَ بِعِبَادَاتِهِ وَأَعْمَالِهِ.
(١) أَخْرَجَهُ الْمُرْشِدُ بِاللَّهِ فِي الأَمَالِي الْخَمِيسِيَّةِ ج/٢/ص/٢٢١/، بِلَفْظِ: «مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ طُمِسَ وَجْهُهُ، وَمُحِقَ ذِكْرُهُ، وَأُثْبِتَ اسْمُهُ فِي النَّارِ»، وَالسُّيُوطِيُّ فِي جَامِعِهِ رقم (٢٢٨٦٤) وَقَالَ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ (٢/ ٢٦٨، رقم ٢١٢٨)، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا: الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ رقم (٤٠)، وَهُوَ فِي كَنْزِ الْعُمَّالِ رقم (٦٢٧٥) ...