رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

الاقتصاد في الإنفاق:

صفحة 311 - الجزء 1

  مَحْسُورًا ٢٩ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ٣٠}.

  وَاعْلَمْ: أَنَّ اللَّهَ مَدَحَ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ بِتَوَسُّطِهِمْ فِي إِنْفَاقِهِمْ، فَلاَ يُجَاوِزُونَ الْحَدَّ بِالإِسْرَافِ فِي الإِنْفَاقِ، وَلاَ يَقْتُرُونَ.

  أَيْ: لاَ يُضَيِّقُونَ فَيَبْخَلُونَ بِإِنْفَاقِ الْقَدْرِ اللاَّزِمِ.

  قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ٦٧}، الآيَةَ.

  أَيْ: لَيْسُوا مُبَذِّرِينَ فِي إِنْفَاقِهِمْ، فَيَصْرِفُوا فَوْقَ الْحَاجَةِ، وَلاَ بُخَلاَءَ عَلَى أَهْلِيهِمْ، فَيُقَصِّرُوا فِي حَقِّهِمْ، فَلاَ يَكْفُوهُمْ بَلْ عَدْلاً خِيَارًا وَخَيْرُ الأُمُورِ أَوْسَطُهَا، لاَ هَذَا وَلاَ هَذَا.

  وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ٦٧}، أَيْ: بَيْنَ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ مِنَ الإِسْرَافِ وَالْقَتْرِ، {قَوَامًا ٦٧}، أَيْ: عَدْلاً وَسَطًا سَالِمًا مِنْ عَيْبِ الإِسْرَافِ وَالْقَتْرِ.

  وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ الْكَرِيمَةُ، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَوْصَى نَبِيَّهُ ÷ بِالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}، الآيَةَ.