رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

الاقتصاد في الإنفاق:

صفحة 312 - الجزء 1

  فَقَوْلُهُ: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}، أَيْ: مُمْسِكَةً عَنِ الإِنْفَاقِ إِمْسَاكًا كُلِّيًّا، يُؤَدِّي مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا: {وَلَمْ يَقْتُرُوا}.

  وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}، يُؤَدِّي مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا: {لَمْ يُسْرِفُوا}.

  وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}.

  أَيْ: لاَ تُمْسِكْ عَنِ الإِنْفَاقِ بِحَيْثُ تُضَيَّقُ عَلَى نَفْسِكَ، وَأَهْلِكَ فِي وُجُوهِ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَسَبِيلِ الْخَيْرَاتِ ..

  وَالْمَعْنَى: لاَ تَجْعَلْ يَدَكَ فِي انْقِبَاضِهَا كَالْمَغْلُولَةِ، الْمَمْنُوعَةِ مِنَ الاِنْبِسَاطِ، {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}.

  أَيْ: وَلاَ تَتَوَسَّعُ فِي الإِنْفَاقِ تَوْسِعَةً مُفْرِطَةٌ، بِحَيْثُ لاَ يَبْقَى فِي يَدِكَ شَيْءٌ.

  ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ٢٩}.

  أَيْ: يَلُومُ نَفْسَهُ، وَيَلُومُهُ أَصْحَابه أَيْضاً: يَلُومُونَهُ عَلَى تَضْيِيعِ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِبْقَاءِ الأَهْلِ وَالْوَلَدِ فِي الضُّرِّ، وَالْمِحْنَةِ.

  فَعَلَّلَ الإِسْرَافَ فِي الإِنْفَاقِ بِأَنَّ عَاقِبَةَ فَاعِلِهِ أَنْ يَكُونَ مَلُومًا مِنَ النَّاسِ، وَمَحْسُورًا فِي نَفْسِهِ، وَالْمَحْسُورُ مَنْ حُسِرَ عَنْهُ سَتْرُهُ