طلب العلم:
  وََهَؤُلاَءِ فِي قُلُوبِهِمْ الْعِوَض الأَكْبَر بِمَا وَصَلُوا إِلَيْهِ مِنْ لَذَّةِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَإِجْلاَلِهِ.
  كَمَا كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «إِنَّ أَحِبَّاءَ اللَّهِ هُمُ الَّذِينَ وَرِثُوا طَيِّبَ الْحَيَاةِ، وَذَاقُوا نَعِيْمَهَا بِمَا وَصَلُوا إِلَيْهِ مِنْ مُنَاجَاةِ حَبِيبِهِمْ، وَبِمَا وَجَدُوا مِنْ لَذَّةِ حبه فِي قُلُوبِهِمْ»، فِي كَلاَمٍ يَطُولُ ذِكْرُهُ هَاهُنَا فِي هَذَا الْمَعْنَى.
  وَإِنَّمَا أَنِسَ هَؤُلاَءِ بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، لأَنَّ الْجَاهِلِينَ بِاللَّهِ يَسْتَوْحِشُونَ مِنْ تَرْكِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُوْنَ سِوَاهَا فَهِيَ أُنْسُهُمْ.
  وََهَؤُلاَءِ يَسْتَوْحِشُونَ مِنْ ذَلِكَ، وَيَسْتأَنِسُونَ بِاللَّهِ وَبِذِكْرِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَتِلاَوَةِ كِتَابِهِ.
  والْجَاهِلُونَ بِاللَّهِ يَسْتَوْحِشُونَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ يَجِدُونَ الأُنْس بِهِ.
  وَمِنْ صِفَاتِهِمْ الَّتِي وَصَفَهُمْ بِهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ¥: أَنَّهُمْ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الأَعْلَى، وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَتَّخِذُوا الدُّنْيَا وَطَنًا، وَلاَ رَضُوا بِهَا إِقَامَةً وَلاَ مَسْكَنًا، إِنَّمَا اتَّخَذُوهَا مَمَرًّا، وَلَمْ يَجْعَلُوهَا مُسْتَقَرًّا.