حقيقة التقوى:
  عَلَيْهِ الْكَرَامَةُ بَعْدَ قُحُوطِهَا(١)، وَتَحَدَّبَتْ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ(٢) بَعْدَ نُفُورِهَا(٣)، وَتَفَجَّرَتْ عَلَيْهِ النِّعَمُ بَعْدَ نُضُوبِهَا(٤)، وَوَبَلَتْ(٥) عَلَيْهِ الْبَرَكَةُ بَعْدَ إِرْذَاذِهَا(٦)». انْتَهَى ..
  وَكَفَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢}.
  فَبِالتَّقْوَى تُفَرَّجُ الْكُرُوبِ، وَيَنْجُو الإِنسَانَ مِنَ الشَّدَائِدِ، وَتَنْدَكُّ أَمَامَهُ الْعَقَبَاتِ، وَتَزُولُ الشُّبِهَاتِ، وَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا.
  كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ٤}.
  وَكَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢}.
  وَكَمَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ #:» وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً مِنَ الْفِتَنِ، وَنُوراً مِنَ الظُّلَمِ، وَيُخَلِّدْهُ فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ، وَيُنْزِلْهُ مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَهُ، فِي دَارٍ اصْطَنَعَهَا
(١) قَوْلُهُ: «وَهَطَلَتْ عَلَيْهِ الْكَرَامَةُ»، هَطَلَتِ السَّمَاءُ، إِذَا دَامَ مَطَرُها، قَوْلُهُ: (بَعْدَ قُحُوطِهَا)، الْقَحْطُ ذَهَابُ الْمَطَرِ، وَأَرَادَ الْكَرَامَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ خَلْقِهِ ...
(٢) قَوْلُهُ: «وَتَحَدَّبَتْ عَلَيْهِ»، أَيْ: عَطَفَتْ وَحَنَّتْ، مِنْ قَوْلِهِمْ فُلاَنٌ حَدْبٌ عَلَى أَقَارِبِهِ، إِذَا كَانَ مُشْفِقًا عَلَيْهِمْ، كَثِير الرَّحْمَةِ لَهُمْ ...
(٣) قَوْلُهُ: «بَعْدَ نُفُورِهَا»، أَيْ: شُرُودِهَا عَنْهُمْ، وَزَوَالِهَا ...
(٤) قَوْلُهُ: «بَعْدَ نُضُوبِهَا»، نَضَبَ الْمَاءُ نُضُوْباً: غَارَ وَذَهَبَ فِي الأَرْضِ، وَنُضُوبُ النِّعْمَةِ، قِلَّتِهَا، أَوْ زَوَالِهَا ...
(٥) قَوْلُهُ: «وَوَبَلَتْ»، الوَبْلُ وَالْوَابِلُ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ الضَّخْم القطْرِ، وَبَلَتِ السَّماءُ وَبْلاً مِنْ بَابِ وَعَدَ، وَوُبُولاً، اشْتَدَّ مَطَرُهَا ....
(٦) قَوْلُهُ: «إِرْذَاذِهَا»، الرَّذَاذُ: الْمَطَرُ الضّعِيفُ: وَقِيلَ: السَّاكِنُ الدَّائِمُ الصِّغَارُ الْقَطْرِ كَأَنَّهُ غُبَارٌ ...