حقوق الوالدين
  يَا بُنَيَّ: إِلَيْكَ صُورَةٌ مِنْ حَقِيقَةِ الْبِرِّ، لِتُدْرِكَ أَنَّ إِحْضَارَ الْخُبْزِ، أَوِ الإِيصَالِ لِزِيَارَةٍ، أَوِ الْوَفَاءِ بِمَطْلَبٍ لَيْسَ هُوَ مُنْتَهَى الْبِرِّ، وَأَدَاءُ الْحَقِّ.
  عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷: «لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ، إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا، فَيَشْتَرِيَهُ، فَيُعْتِقَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وبن مَاجَهْ ....
  وَيُدْرِكُ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ الْبِرَّ يَمْتَدُّ حَتَّى عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَيَلْقَى أَعْرَابِيًّا فِي الطَّرِيقِ فَيُرْكِبَهُ رَاحِلَتَهُ، وَيُعْطِيَهُ عِمَامَةً لَهُ عَلَى رَأْسِهِ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّهُمْ أَعْرَابٌ يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ، فَيَقُولُ: إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وَادًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ÷ يَقُولُ: «إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ» رَوَاهُ: مُسْلِمٌ.
  يَا بُنَيَّ: لَقَدْ أَتْبَعَ اللَّهُ الْعُقُوقَ وَالْعِصْيَانَ بِالشِّرْكِ بِهِ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.
  قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الْبِرَّ بِهِمَا، مَعَ اللُّطْفِ، وَلِينِ الْجَانِبِ، فَلاَ يُغْلِظُ لَهُمَا فِي الْجَوَابِ، وَلاَ يُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا، وَلاَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ