الوصية الخالدة وصية الإمام علي # لابنه الحسن $
  
  «مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ، الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ(١)، الْمُدْبِرِ الْعُمُرِ، الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ، الذَّامِ لِلدُّنْيَا، السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتَى، الظَّاعِنِ(٢) عَنْهَا غَداً، إِلَى الْمَوْلُودِ الْمُؤَمِّلِ مَا لاَ يُدْرَكُ، السَّالِكِ سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ، غَرَضِ الأَسْقَامِ(٣)، وَرَهِينَةِ(٤) الأَيَّامِ، وَرَمِيَّةِ الْمَصَائِبِ(٥) وَعَبْدِ الدُّنْيَا، وَتَاجِرِ الْغُرُورِ، وَغَرِيمِ الْمَنَايَا، وَأَسِيرِ الْمَوْتِ، وَحَلِيفِ الْهُمُومِ(٦)، وَقَرِينِ الأَحْزَانِ(٧)، وَنُصْبِ الآفَاتِ(٨)، وَصَرِيعِ(٩) الشَّهَوَاتِ، وَخَلِيفَةِ الأَمْوَاتِ.
  أَمَّا بَعْدُ
  فَإِنَّ فِيَما تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْيَا عَنِّي، وَجُمُوحِ الدَّهْرِ(١٠) عَلَيَّ وَإِقْبَالِ الآخِرَةِ إِلَيَّ، مَا يَزَعُنِي(١١) عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ، وَالاهْتِمامِ
(١) بِالتَّغَيُّرِ والنفاد والتَّحَوُّلُ والاِنْقِلابُ.
(٢) الظَّاعِن: الْمُسَافِرُ.
(٣) غَرَض الأَسْقَامِ: هَدَفُ الأمراض ترمي إِلَيْهِ سهامها.
(٤) الرَّهِينَةُ: الْمَرْهُونَةُ، أَيْ: أنه في قبضة الأيام وحكمها.
(٥) أَيْ: لاَ تَزَالُ الْمَصَائِب ترميه حَتَّى تُهْلِكَهُ.
(٦) أَيْ: أَخُوْهَا وَالْمُلاَزِمُ لَهَا ...
(٧) أَيْ: الْمُقَارِن لَهَا، حَتَّى لاَ تَنْفَكُّ مِنْهُ أَبَداً، لِكَثْرَةِ مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنَ الْبَلاَيَا وَالأَسْقَامِ .......
(٨) نُصب الآفَاتِ: لاَ تُفَارِقُهُ العلل، وهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلاَنٌ نُصْبَ عيْنِي - بِالضَّمِّ - أَيْ: لاَ يُفَارِقُنِي.
(٩) الصَّرِيعُ: الطريح.
(١٠) جُمُوح الدَّهْرِ: اسْتِعْصَاؤُهُ وتغلّبه.
(١١) يَزَعُنِي: يَكُفُّنِي وَيَصُدُّنِي عَنْ أَنْ أَكُونَ ذَاكِرًا لِغَيْرِي.