رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

[ذكر الموت]

صفحة 426 - الجزء 1

[ذِكْر الْمَوْتِ]

  يَا بُنَيَّ: أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَذِكْرِ مَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ، وَتُفْضِي بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَأْتِيَكَ وَقَدْ أَخَذْتَ مِنْهُ حِذْرَكَ⁣(⁣١)، وَشَدَدْتَ لَهُ أَزْرَكَ⁣(⁣٢)، وَلاَ يَأْتِيَكَ بَغْتَةً فَيَبْهَرَكَ⁣(⁣٣).

  وَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلاَدِ أَهْلِ الدُّنْيَا⁣(⁣٤) إِلَيْهَا وَتَكَالُبِهِمْ⁣(⁣٥) عَلَيْهَا، فَقَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ عَنْهَا، وَنَعَتْ⁣(⁣٦) لَكَ نَفْسَهَا وَتَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوِيهَا.

  فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلاَبٌ عَاوِيَةٌ، وَسِبَاعٌ ضَارِيَةٌ⁣(⁣٧)، يَهِرُّ⁣(⁣٨) بَعْضُهَا بَعْضاً يَأْكُلُ عَزِيزُ هَا ذَلِيلَهَا، وَيَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا، نَعَمٌ⁣(⁣٩) مُعَقَّلَةٌ⁣(⁣١٠)


(١) أَيْ: تحرزت مِنْهُ بمبلغ جهدك وطاقتك.

(٢) الأزر: القوة ..

(٣) بهر - كمنع -: غلب، أَيْ: يغلبك على أمرك.

(٤) تحذير له عَنْ أن ينخدع بما يرى من ركون أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا.

(٥) التكالب: هُوَ التَّواثُبُ عَلَيْهَا.

(٦) نعاه: أخبر بموته، والدنيا تخبر بحالها عَنْ فنائها.

(٧) ضارية: مولعة بالافتراس.

(٨) يَهِرُّ - بِكَسْرِ الْهَاءِ -: يعوي وينبح، وأصلها هَرِير الْكَلْبِ، وهُوَ صَوْتُهُ دون حاجة من قلة صبره على البرد، فقد شبه الإمام أهل الدنيا بِالْكِلاَبِ الْعَاوِيَةِ.

(٩) النّعَم - بالتحريك -: الإبل.

(١٠) أَيْ: معقولة، فَلاَ تقدر على الذهاب والتصرف.