رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

[الترفق في الطلب]

صفحة 428 - الجزء 1

[التَّرَفُّق فِي الطَّلَبِ]

  رُوَيْداً⁣(⁣١) يُسْفِرُ الظَّلاَمُ⁣(⁣٢)، كَأَنْ قَدْ وَرَدَتِ الأَظْعَانُ⁣(⁣٣)، يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ يَلْحَقَ.

  وَاعْلَمْ: أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُهُ اللَّيْلَ والنَّهَارَ، فَإِنَّهُ يُسَارُ بِهِ وَإِنْ كَانَ وَاقِفاً، وَيَقْطَعُ الْمَسَافَةَ وَإِنْ كَانَ مُقِيماً وَادِعاً⁣(⁣٤).

  وَاعْلَمْ: يَقِيناً، أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ، وَلَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ، وَأَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فَخَفِّضْ⁣(⁣٥) فِي الطَّلَبِ، وَأَجْمِلْ⁣(⁣٦) فِي الْمُكْتَسَبِ، فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَب قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ⁣(⁣٧)، فَلَيْسَ كُلُّ طَالِب بِمَرْزُوق، وَلاَ كُلُّ مُجْمِل بِمَحْروُم، وَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ


(١) أَيْ: أمْهِل وتأَنَّ.

(٢) يُسْفِرُ الظَّلاَمُ أَيْ: ينكشف ..

(٣) الأَظْعَانُ: جَمْعُ ظَعْن، والْظَّعْنُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ كالْنَّفْرِ والْرَّهْطِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ}، فَهُوَ مصدر، والأظعان: الإبل التي عَلَيْهَا الْهَوْدَجُ، وَالْمَعْنَى فِي هَذَا أنا مسافرون، وكأن قد وردت الأَظْعَانُ مناهلها، وكأن قد قدمنا منازلنا، وانقطعت هَذِهِ الأسفار.

(٤) وَادِعاً: أَيْ: سَاكِنًا، مِنْ قَوْلِهِمْ: ودع الرجل فَهُوَ وديع أَيْ: سَاكِنٌ ..

(٥) خفض فِي الطَّلَبِ: أراد هون الطَّلَب فِي الأُمُورِ كلها.

(٦) أجمل في كَسْبِه: أَيْ: سَعَى سَعْياً جَميِلاً، لا يحرص فيمنع الحق، وَلاَ يطمع فيتناول مَا لَيْسَ بِحَقٍّ.

(٧) الْحَرْبُ هُوَ: استلاب المال من صاحبه ظُلْمًا وَعُدْوَانًا ..