[الترفق في الطلب]
[التَّرَفُّق فِي الطَّلَبِ]
  رُوَيْداً(١) يُسْفِرُ الظَّلاَمُ(٢)، كَأَنْ قَدْ وَرَدَتِ الأَظْعَانُ(٣)، يُوشِكُ مَنْ أَسْرَعَ أَنْ يَلْحَقَ.
  وَاعْلَمْ: أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُهُ اللَّيْلَ والنَّهَارَ، فَإِنَّهُ يُسَارُ بِهِ وَإِنْ كَانَ وَاقِفاً، وَيَقْطَعُ الْمَسَافَةَ وَإِنْ كَانَ مُقِيماً وَادِعاً(٤).
  وَاعْلَمْ: يَقِيناً، أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ، وَلَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ، وَأَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فَخَفِّضْ(٥) فِي الطَّلَبِ، وَأَجْمِلْ(٦) فِي الْمُكْتَسَبِ، فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَب قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ(٧)، فَلَيْسَ كُلُّ طَالِب بِمَرْزُوق، وَلاَ كُلُّ مُجْمِل بِمَحْروُم، وَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ
(١) أَيْ: أمْهِل وتأَنَّ.
(٢) يُسْفِرُ الظَّلاَمُ أَيْ: ينكشف ..
(٣) الأَظْعَانُ: جَمْعُ ظَعْن، والْظَّعْنُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ كالْنَّفْرِ والْرَّهْطِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ}، فَهُوَ مصدر، والأظعان: الإبل التي عَلَيْهَا الْهَوْدَجُ، وَالْمَعْنَى فِي هَذَا أنا مسافرون، وكأن قد وردت الأَظْعَانُ مناهلها، وكأن قد قدمنا منازلنا، وانقطعت هَذِهِ الأسفار.
(٤) وَادِعاً: أَيْ: سَاكِنًا، مِنْ قَوْلِهِمْ: ودع الرجل فَهُوَ وديع أَيْ: سَاكِنٌ ..
(٥) خفض فِي الطَّلَبِ: أراد هون الطَّلَب فِي الأُمُورِ كلها.
(٦) أجمل في كَسْبِه: أَيْ: سَعَى سَعْياً جَميِلاً، لا يحرص فيمنع الحق، وَلاَ يطمع فيتناول مَا لَيْسَ بِحَقٍّ.
(٧) الْحَرْبُ هُوَ: استلاب المال من صاحبه ظُلْمًا وَعُدْوَانًا ..