رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

[وصايا شتى]

صفحة 433 - الجزء 1

  الإِحْسَانِ، وَلاَ يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ، فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي مَضَرَّتِهِ وَنَفْعِكَ، وَلَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ.

  وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ: أَنَّ الرِّزْقَ رِزْقَانِ:

  رِزْقٌ تَطْلُبُهُ.

  وَرِزْقٌ يَطْلُبُكَ، فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَأْتِهِ أَتَاكَ، مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَالْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَى، إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ، مَا أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ⁣(⁣١)، وَإِنْ جَزِعْتَ عَلَى مَا تَفَلَّتَ⁣(⁣٢) مِنْ يَدَيْكَ، فَاجْزَعْ عَلَى كُلِّ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ.

  اسْتَدِلَّ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ، فَإِنَّ الأُمُورَ أَشْبَاهٌ، وَلاَ تَكُونَنَّ مِمَّنْ لاَ تَنْفَعُهُ الْعِظَةُ إِلاَّ إِذَا بَالَغْتَ فِي إِيلاَمِهِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالآدَابِ، وَالْبِهَائِمَ لاَ تَتَّعِظُ إِلاَّ بِالضَّرْبِ.

  اطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وَحُسْنِ الْيَقِينِ، مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ⁣(⁣٣) جَارَ⁣(⁣٤)، وَالصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ⁣(⁣٥)، وَالصَّدِيقُ مَنْ صَدَقَ


(١) مَثْوَاكَ: مُقامك، من ثوى يثوي: أقام يقيم، والمراد - هنا - منزلتك مِنَ الكَرَامَةِ.

(٢) تَفَلَّتَ - بتشديد اللام - أَيْ: تملّص من اليد فلم تحفظه.

(٣) الْقَصْد: الطريق المعتدل.

(٤) جَارَ: مال عَنِ الْحَقِّ وعدل.

(٥) الصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ: أي يراعى فيِهِ ما يراعى فِي قرابة النسب.