رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

[وصايا شتى]

صفحة 434 - الجزء 1

  غَيْبُهُ⁣(⁣١)، وَالْهَوَى⁣(⁣٢) شَرِيكُ الْعَمَى، رُبَّ بَعِيد أَقْرَبُ مِنْ قَرِيب وَقَرِيب أَبْعَدُ مِنْ بَعِيد، وَالْغَرِيبُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبِيبٌ، مَنْ تَعَدَّى الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ، وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِهِ كَانَ أَبْقَى لَهُ، وَأوْثَقُ سَبَب أَخَذْتَ بِهِ سَبَبٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَمَنْ لَمْ يُبَالِكَ⁣(⁣٣) فَهُوَ عَدُوُّكَ، قَدْ يَكُونُ الْيَأْسُ إِدْرَاكاً، إِذَا كَانَ الطَّمَعُ هَلاَكاً، لَيْسَ كُلُّ عَوْرَة تَظْهَرُ، وَلاَ كُلُّ فُرْصَة تُصَابُ، وَرُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصِيرُ قَصْدَهُ أَصَابَ الأَعْمَى رُشْدَهُ ...

  أَخِّرِ الشَّرَّ، فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَهُ⁣(⁣٤)، وَقَطِيعَةُ الْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ الْعَاقِلِ، مَنْ أَمِنَ الزَّمَانَ خَانَهُ، وَمَنْ أَعْظَمَهُ⁣(⁣٥) أَهَانَهُ، لَيْسَ كُلُّ مَنْ رَمَى أَصَابَ، إِذَا تَغَيَّرَ السُّلْطَانُ تَغَيَّرَ الزَّمَانُ.

  سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ، وَعَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ.

  إِيَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ مِنَ الْكَلاَمِ مَا يَكُونُ مُضْحِكاً، وَإِنْ حَكَيْتَ ذلِكَ عَنْ غَيْرِكَ ...


(١) أراد أن الصديق حقيقة من كان صادقاً فِي حال الغيبة، فَيَكُونُ حاله فِي حضورك كحاله فِي حال غيبتك مِنَ النَّصِيحَةِ والمواساة والذب عن العرض.

(٢) يَعْنِي: أن العمى فِي الْبَصِيرَةِ كَمَا هُوَ مهلك للإنسان، فَهَكَذَا أيضاً الهوى فإنه مشارك للعمى في هلاك المرء باتباعه وإيثاره.

(٣) يُبَالِكَ: يحتفل بِأَمْرِكَ وَلاَ يطول بحالك، وَلاَ ير عيك طرفاً.

(٤) يريد أنما كَانَ يُمْكِنُ فعله فِي كُل حَالَةٍ فَلاَ حاجة بِهِ إلى العجلة.

(٥) أعظمه: هابَهُ وأكبر من قدره.