رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

قصة الشاب العفيف

صفحة 91 - الجزء 1

  ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهَا، فَتَفَاجَأتْ لَمَّا رَأَتْهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ الْقَذِرَةِ فَاسْتَقْذَرْتَهُ، وَأَمَرَتْهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا وَطَرَدَتْهُ، وَفَرَّ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَهَا لِيَنْجُوَ بِدِينِهِ.

  فَأَنْعَمَ اللَّهُ ø عَلَيْهِ بَدَلاً مِنْ هَذِهِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ بِرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ زَكِيَّةٍ كَأَنَّهَا الْمِسْكُ، يَعْرِفُ النَّاسَ بِقُدُومِهِ قَبْلَ أَنْ يَرَوْنَهُ وَذَلِكَ عِنْدَ شَمِّ رَائِحَته الطَّيِّبَة، وَاشْتَهَرَ عِنْدَ النَّاسِ بِالْمِسْكِيِّ. انْتَهَى ...

  هَذَا هُوَ الْمُؤْمِنُ الصَّادِقُ بِإِيمَانِهِ، الْمُرَاقِبُ لِرَبِّهِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ، فَرَغْمَ جَمَالِ هَذِهِ الْمَرْأَةُ وَهَيَامهَا بِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ خَافَ رَبَّهُ، لَمْ يَخَفْ مِنَ النَّاسِ، أَوْ مِنْ قَانُونٍ لأَنَّ الْكُلَّ لاَ يَرَاهُ، وَلَكِنَّ السَّمِيع الْبَصِيرَ يَرَاهُ، فَخَافَ مِنَ الْعَاقِبَةِ وَاحْتَالَ بِحِيلَةٍ فِيهَا مِنَ الْقَذَارَةِ الظَّاهِرَةِ إِلاَّ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى نَقَاءِ بَاطِنه وَصِدْق إِيمَانِهِ.

  وَهَكَذَا عَوَّضَهُ اللَّهُ بِرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ زَكِيَّةٍ فِي الدُّنْيَا، وَلَهُ فِي الآخِرَةِ حُسْنَ الثَّوَابِ.

  وَكَمْ فِي زَمَانِنَا هَذَا مِنْ أُنَاسٍ قَدْ أَغَرَقُوا أَجْسَادَهَمْ بِالرَّوَائِحِ وَالأَطْيَابِ، وَلَكِنَّ رَوَائِحَ أَعْمَالهمُ السَّيِّئَةِ تَطْغَى، وَتَفْضَحهُم رَغْمَ