حليفة القرآن في نكت من أحكام أهل الزمان
  وكم يوم سقيت به الأعادي كؤوسا ... ما يفيق لها ضريع
  وأما الثالث: وهو أن يكون للمستنصر شوكة وغلبة على من استنصر به، فليس ذلكم إليكم بل أنتم خدم للمستنصرين به وأتباع لأتباعه، لا تقدمون أمر إلا عن أمره، ولا تصدرون رأيا إلا عن رأيه، هو الإمام وأنتم المأمون، وأقوالكم ناطقة بذلك، وأفعالكم شاهدة به، يدل على ذلك أفعال بصعدة في الذمم والمواثيق التي أخللتم بها، وجعلتم العذر أنكم لا تقدرون على الخلاف، ولا سبيل لكم إلى مخالفة أمر سلطانكم، وهذا ظاهر لا يفتقر إلى بيان، ولا يشك في صحته إنسان، ولذلك سلمتم أسرانا إليه، وعلقتم جميع أفعالكم الواقعة عليه، على كره منكم.
  وأما الشرط الرابع: وهو أن يكون المستنصر ذا ولاية عامة، فلستم هنالك عند أحد من العالمين، لقوله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}[البقرة] ولأن الولاية هي ولاية الإمامة وهي فيكم مفقودة، أو ولاية الحسبة وهي باطلة لديكم غير موجودة، لوجوه:
  أحدها: ما أنتم عليه من الكفر.
  والآخر: وجود إمام أبطل حكمَ الحسبة ثبوتُ إمامته، ووجوب رياسته، لأن الحسبة تدل على ما هو أعلى منها، وهو لا يجمع البدل والمبدل منه.
  والآخر التسلط والخروج عن زمرة أهل العدالة وأهل الدين.
  هذه نكتة أردنا بيانها لما توجه علينا من أمرها، فإن الله تعالى أخذ على العلماء في ميثاق كتابه البيان، عند أن يعرض مثل هذا الشأن، حيث يقول: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران: ١٨٧]