مجموع رسائل الإمام الشهيد المهدي أحمد بن الحسين (ع)،

المهدي أحمد بن الحسين (المتوفى: 656 هـ)

الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة

صفحة 126 - الجزء 1

  نواجم العناد، ووقدت نيران الفساد، وقل الناصر، وكثرت المعاذر، وعطلت الثغور أو كادت، وقهقرت ليوث الكفاح وحادت، سامة وملالا، واستطاله للأمد المبارك واستثقالا، على ما حكى الله تعالى عن الأمم الماضية، والقرون الخالية، أن طول الأمد أورثها في القلوب قسوة، وفي الطباع عن سماع الحق نبوة، حيث يقول سبحانه: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ١٦}⁣[الحديد].

  سمعنا عند ذلك ركزا خفيا، وكلاما نجيا، ظاهره عتبٌ، وباطنه تْلب، فمن قائل يقول: هذا أمر لم يحكم ترتيبه. وآخر يقول: هذا وال لم يؤثر تقويمه وتأديبه، ومتأسف على ولاة كانوا قبلنا، ومتفجع لعدو بما ناله [منا]، وإن كان من غب مكره، وجزاء غدره، ومتوجع لولي من سوء حظه، وقلة ذات يده، وإغفال أمره، وتحلل عراء جَلَدِه، ومغضب يشكو سدة باب، أو غلظة حجاب، أو جفوة أصحاب، ومعذر في لزومه قعر داره، وتحليل أوتاره، وإرخاء أزاره، بما هو عليه من قلة عطية، أو عدم مطية، ومعتل بكثرة ماله، وضؤلة أطفاله، وترادف أشغاله، ومعتقد أنه حط عن منازل أمثاله، وقصر به عن درج أشكاله، فجعل ذلك وجها في التأخر عن نصرة الدين بنفسه أو ماله.

  فأما الأول: فإن كان معتقدا للإمامة فقد سلَّم السيرة، وإن لم يعتقد الإمامة فلا فائدة في الطعن في الفرع مع فساد الأصل، لأن ما بني على شفاء جرف هار، فهو منهال منهار. وهل يستقيم الظل والعود أعوج؟! مع أنه