مجموع رسائل الإمام الشهيد المهدي أحمد بن الحسين (ع)،

المهدي أحمد بن الحسين (المتوفى: 656 هـ)

الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة

صفحة 127 - الجزء 1

  لو بلي بشيء مما بلينا به، من ترتيب حاجات تباعه، أو إصلاح أمر جماعة، لضاقت موارده وعميت مصادره، والتبست بصائره، وافتضحت معاذره، ولتبين له ما قيل في المثل السائر: «في ملام من ليس بعاذر، فيما ليس له بخابر». «هان على الأملس ما لا قى الدّبر».

  ولو قيل له: كن صاحب هذا الترتيب، واجعل حظك من الجهاد هذا النصيب، لتولى يعتذر بالعجز، ويدافع بالضعف عن القيام بعظيم هذا الأمر، ومع ذلك يدعي وقوع الخلل في الفعل على من حنَّكتْه التجارب، وقرعت صليب مروته النوائب.

  وأما الثاني فهو أيضا مثله يطعن في فروع قد سلم أصولها، ويعترض في الولايات بأمور ما تيقن محصولها، فهو من دخيلته في زلزال، ومن باله في بلبال، ومن كلامه في شجون متعارضة، وأمور متناقضة، إن طعن لم يستيقن مقاله، وإن أمسك لم تطاوعه عوارض باله، لكنه آثر ما سمعه على ما رءاه، وقدَّم هواه على هداه، ونسي ما قاله قدوة الهداة، علم الحق الأواه، علي بن أبي طالب عليه أفضل السلام والصلاة، حيث يقول: «أما أنه ليس بين الحق والباطل إلا أربع أصابع فسئل # عن معنى قوله هذا؟! فوضع أصابعه بين أذنه وعينه، وقال: الحق أن تقول رأيت، والباطل أن تقول: سمعت».

  ودواء هذا المعترض ما يجده من نفسه من عداوة وقادة، أو حسيفة معتادة، بأن أبرز مكامنه، وأظهر مطاعنه، أصاب أم أخطأ، أسرع في رضي ربه أم أبطأ، ولم يعقل أن الولاية وكالة يتقلدها الأمين، وحالة يحبى بها