الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة
  الضنين، وقد فعل ذلك سيد المرسلين، واقتفاه في فعله إمام المتقين، فولى صلى الله عليه الوليد بن عقبة. وهو أحد صبية النار، بنص النبي المختار، ومَن نص الحكيم على فسقه في آيتين من كتابه الكريم، وولى صلى الله عليه عمرو بن العاص في البعث الأكبر، وهو المقصود بأنه الشانئ الأبتر، وخالد بن الوليد سماه سيف الله المسلول، مع أنه حكم في الدم المطلول، برفض المسموع وتحكيم المعقول، وتبرأ صلى الله عليه من فعله. ومع ذلك لم يقض بتحريم ولايته، ولا تأخير إمارته، بل جعله بعد ذلك أمير الجيوش الإسلامية، واجتمع المسلمون على إمارته بمؤتة، واقتفى أبو بكر في ذلك أثره، وكان من خالد في بني تميم ما قبحوا به خبره، وتبينوا به مخبره.
  فأما أمير المؤمنين # فإنه ولى أبا موسى الأشعري وهو يشير إليه بالخيانة، ويظهر أنه ممن يموه على المسلمين بالتعمق في الديانة، وكذلك زياد بن أبيه وغيرهما، ويكفى المستبصر ما ذكره # عند صفة أصحابه من قوله: «يا أشباه الرجال ولا رجال» إلى أن انتهى إلى آخر كلامه فقال: «لو ائتمنت أحدكم على قعب، لخشيت أن يذهب بعلاقته» أتراه أيها المعترض ولا هم مع اعتقاده لخيانتهم؟! وهو الناطق بالحق، والمتولي للبيان في ذلك الأوان؟! أو ترك ولايتهم حتى ضاعت الأقطار، واستبيحت الثغور وعفت من الدين الآثار؟!