الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة
  فإن قلت: بالأول، فهو الذي قصدناه في معنى الوكالة، وإن قلت بالثاني، فهو مما علم أنه لم يقع، حتى قُبِض سلام الله عليه ورضوانه، على أن من قاس الأمر بالأمر علم أنه # كان في القرن الثاني والثالث من الذين قال فيهم نبينا ÷: خيركم القرن الذين بُعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الدين يلونهم» فإذا كان الأمر في أهل زمانه # مع قربهم من رسول الله ÷، وكونهم خير الأمة هكذا، فكيف يكون حال أهل زماننا الذين هم حثالة التمر، ونفاضة العلم؟! فإذا اضطر # إلى ولايتهم، والاستعانة بهم، وهم على تلك الصفة، لئلا يبطل الجمهور من أمور الدين، فنحن كذلك أيضا.
  وأما الثالث وهو المتفجع فإنه قرى وما درى، وجهل أحكام الولاء والبراء، والله تعالى يقول لنبيه نوح # لما عطفته على ولده عواطف الرحم والرحمة، عند همول سحائب العذاب والنقمة: {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[هود: ٤٦] هلا رجعت عن أبعد الصحابة، كما رجع نوح عن أقرب القرابة، وعلمت أن حق الله أولى بالرعاية، ودينه أحق بالذب والحماية، على أن هذا طعن في السيرة وقد قال بالإمامة، أو تعرض أن أصولها بعيدة عن السلامة، قريبة من السلامة.
  وأما الرابع وهو الشاكي لنفسه ولغيره من سوء الحظ، وقلة ذات اليد، فهو يوجه الملام إلى من لم يخط ولا ألام، والأرزاق عندنا قضايا قدرية،