عهد آخر
  على وجهه، والتسليم إلى مُوَكَّله فيما يغلب على الظن، ويقضى به النظر والتحري.
  وما كان خراجيا من ذلك لم يؤخذ فيه إلا ما وضع من الخراج، وهو الذي يضعه إمامه، وتفصيل البلاد الخراجية والعشرية يكون تعريفه في غير هذا الكتاب، وإذا قبض ما ذكرناه من عشر وخراج ميز كل شيء عن نقيضه، ليصل كل شيء إلى مستحقه، ويُصرف إلى مصرفه، وآمره أن يسلك بالرعية المطيعين مسلك العدل والترفيه، من النظر في أمورهم، والاستماع لشكواهم، والقرع لقويهم عن ضعيفهم، وإنصاف مظلومهم من ظالمهم، والرحمة لهم والتحنن عليهم، فالنبي صلى الله عليه يقول: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، وأن تشتد وطأته على المفسدين والمرجفين، وأهل المعصية لله والتمرد عن استيفاء الحقوق، من غير أن يأخذهم بغير ما جنوه، أو يقبل فيهم ما لا يلزم به الحكم.
  وأن تكون سيرته إذا دخل بلدا أمر أهله قبل كل شيء بطاعة الله، من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإيفاء المكيال والميزان، والقيام بالمصالح، والبعد من أعداء الله، والقرب من أولياء الله، وتوفير ما يلزمهم إخراجه بعد ذلك، والجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، فإن ذلك سنام الدين، وبه استقامت قواعد التقوى، وخمدت نيران أهل الباطل، وجُعل له الولاية في أن يأخذ أجرة عمله مما يجوز لمثله من