رسالة جواب على الشيخ عطية النجراني
  ما جعله الله ø وهو الإسلام في دار الإسلام، ودع عنك التعسف وقبول كل كلام، فإذا تحققت المعصية فعليك الإنكار بالتلطف والكلام اللين، قال تعالى لموسى وهارون وهما أفضل أهل زمانهما، حين أرسلهما إلى أخبث أهل زمانه، وأهل كل زمان: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا}[طه: ٤٤]، وقد علم تعالى أنه لا يقبل اللين ولا القاسي، وإنما ذلك للإعذار والتلطف في الأمر كله، والتأديب لعباده، ولا تطلب بهذه النصيحة إلا ما يختصك لنجاتك وخلاصك، بينك وبين الله ø لا لأمر يرجع إلينا، فما ذلك بضآرٍ لنا، ولا مخل علينا، نحن لا نعتصم إلا بالله، ولا نرجع إلا إليه، ولا نعتمد إلا عليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
  ولو أعاننا الناس بنفوسهم، لسهلت علينا الأمور وعليهم، ولسلموا من الذنوب، ولكنهم أطاعوا الهوى وأساءوا الظنون، وتحملوا من الأمر ما لم يأمر به الله ø، مع سماعهم لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات: ١٢]، فالله تعالى نهى عن ظن السوء، وزجر عن الغيبة وشبَّهها بالميتة.
  وقد علمت رحمك الله أن آكلها فاسق، ومستحلها كافر، فينبغي أن يكون التحري في الإقدام على الظنون والأوهام، والاغتياب أعظم من التجري والتشكك في الترك، فالخطأ في الترك أخف من الخطأ في الفعل في الأكثر، فليس لك رحمك الله أن تأخذ بقول مغتاب عتاب، قد خلص إلى حزب الشيطان، وخرج من حزب الرحمن، يقول بما لا يعلم، ويعتمد على