[ذكر ما جرى بعد وفاة النبي ÷]
  وهناك جماعة من أهل الكوفة ممن يحبُّ علّياً ويشايعه، أمر عثمان والي الكوفة أن يسيرهم إلى معاوية لتأديبهم، فسيرهم إلى معاوية، ثم أمر بتسييرهم بعد ذلك إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد للمبالغة في تأديبهم، وقد كان على رأس هؤلاء الجماعة المسيرين الأشتر النخعي رضوان الله عليه(١).
  هذا، ولم يحصل في تلك المدة أيُّ قتل لأشياع علي ومحبيه، وإنما هو الأذى: بالشتم، والضرب، والدوس بالأقدام، والتغريب والتسيير، والتهديد والاحتقار، وما يشبه ذلك.
  فهذه نماذج مما نال محبي أهل البيت - رضوان الله عليهم - خلال تلك الفترة، أتينا بها دليلاً على ما وراءها، وبها يعرف البصير الشخصية الحقيقية للخلافة الراشدة.
  ٤ - خلال هذه الفترة استبدت قريش بالخلافة واحتكرت تدبير شؤونها، وأبعدت الأنصار عن ساحتها كل الإبعاد، ولم تنل الأنصار من الخلافة إلاَّ الِحرمان والأذى، والهجو بالأشعار، وأخيراً اغتيال سعد بن عبادة ثم قالوا: إن الجِنَّ قتلته، لأنه بال قائماً! فقال الشاعر:
  وما ذنب سعد أنه بال قائماً ... ولكنَّ سعداً لم يبايع أبا بكر(٢)
(١) ذكرهم بالتفصيل الطبري في تاريخه (٤/ ٣١٧ - ٣٢٦) وهم: مالك بن الحارث الأَشْتَر، وثابت بن قيس النخعي، وكميل بن زياد النخعي، وزيد بن صوحان العبدي، وجندب بن زهير الغامدي، وجندب بن كعب الأزدي، وعروة بن الجعد، وعمرو بن الحمق الخزاعي ... وانظر الكامل لابن الأثير (٢/ ٥١١) والمختصر في تاريخ البشر (١/ ٦٨) وتاريخ ابن الوردي (١/ ١٤٤) والبداية والنهاية (١٠/ ٢٥٨) وهي ضمن أحداث سنة (٣٣ هـ).
(٢) شرح نهج البلاغة (١٠/ ١١١) وفي هامش مجمع الآداب (٤/ ٤٢) عزاه إلى بعض الأنصار.