عمر بن عبد العزيز (ت 101 هـ)
  وأمر بقطعه في الآفاق - ووصل ذلك إلى صنعاء، فلما وصل الخطيب إلى ذلك المكان تلا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ..}، فقام محمد بن محفوظ فقال: ما هذا؟ قطعت السنة؟ والله لأنهضنَّ إلى الشام، فإن وجدت هذا الخليفة قد عزم على قطع السنة لأضرِمَنَّ عليه الشام ناراً، وقام معه بنو الأسود، ووقعت عصبية، فخرج مغاضباً ولحقه الناس إلى موضع يقال له: (المنجل). فرجموه وصرعوه وبغلته تحته وتركوا عليهما رضماً كبيراً، وهو يرجم الآن كقبر أبي رغال وأبي لهب(١) - فقال الشاعر:
  استراحت من السباب البتول ... وبنوها وبعلها والرسول
  وأبى ذلك اللعينُ ابنُ محفو ... ظ وبنو الأسود الكلاب البغول
  وقامت الشعراء تمدح عمر بن عبد العزيز في ذلك، فقال كُثَيِّر عزة(٢):
(١) قال في سيرة ابن هشام (١/ ٤٢): «قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَبَعَثُوا مَعَهُ أَبَا رغَالٍ يدلُّه عَلَى الطَّرِيقِ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ أَبْرَهَةُ وَمَعَهُ أَبُو رغَالٍ حَتَّى أَنْزَلَهُ المُغَمِّس، فَلَمَّا أنزله به مات أبو رغال هناك، فَرَجَمَتْ قبرَه العربُ، فَهُوَ الْقَبْرُ الَّذِي يَرْجُمُ الناس بالمغمِّس». اهـ، وهناك أقوال أخرى، انظر مروج الذهب (٢/ ٥٢ - ٥٣).
(٢) أبيات كثير عزة رواها ابن سعد في الطبقات الكبرى (٧/ ٣٨٢) والجاحظ في الرسائل السياسية (٤٣٥) وابن قتيبة في كتابه الشعر والشعراء (١/ ٤٩٦) والبلاذري في أنساب الأشراف (٨/ ١٦١) وأبي نعيم في الحلية (٥/ ٣٢٢) وابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٠/ ٩٦) وابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (٧/ ٤٠) وسبط بن الجوزي في مرآة الزمان (١٠/ ٢٨٢) والذهبي في تاريخ الإسلام (٧/ ٢٢٧) وابن الوردي في تاريخه (١/ ١٧٢) وغيرهم كثير، وهو ما يفيد تواتر سب بني أمية للإمام علي # وتوارثهم له، فلا يستطيع إنكاره أحد، وكُثير عزة هو كثير بن عبد الرحمن الخزاعي، أحد عشاق العرب المشهورين به، حيث تعلق بعزة بنت جميل، وأكثر شعره فيها. (انظر وفيات الأعيان (٤/ ١٠٧) توفي سنة ١٠٥ هـ.