عمر بن عبد العزيز (ت 101 هـ)
  وَلِيتَ فلم تشتم علياً ولم تُخِف ... بريّاً ولم تتبع سجية مجرم
  وقلت فصدَّقْتَ الذي قُلْتَ بالذي ... فعلْتَ فأضحى راضياً كلُّ مسلم
  في قصيدة طويلة.
  ولم يقل أحد من بني أمية بالعدل والتوحيد إلا عمر بن عبد العزيز، ويزيد بن الوليد الملقب بالناقص، ومعاوية بن يزيد، ولا ظهر لأحد منهم صلاح إلا لهؤلاء، وقليل لمن حمَّل ذنبه ربه أن لا ينزع من المعاصي، ولا يعظم عليه ثقلها.
  ولما كتب إليه غيلان الدمشقي يعظه أمر إليه: أن ائت إليّ فأعني على أمري.
  فكتب إليه: إن وليتني رد المظالم إلى أهلها وبيع أموال الخزائن وتفريقها في مستحقها أعنتك وإلا فلا. فقال: افعل من ذلك ما شئت؛ فلما أتى بلغ من ذلك ما أراد، فوجد جوارب بعضها قد فسد فأمر ببيعها فبلغت ثلاثين ألفاً، فقال: من يلومني في هؤلاء، يأكل هذه والناس يموتون جوعاً؟(١)
  وكان يصيح على الأموال عند تفريقها: هَلُمَّ إلى أموال الخونة، هلمَّ إلى أموال الظلمة، هلمَّ إلى أموالٍ أخذت من غير حلها ومنعت من مستحقها؛ فسمعه هشام فقال: يسب آبائي! والله لأقتلنه ... في قصة طويلة(٢)، وليس الغرض الاستقصاء.
(١) انظر ربيع الأبرار ونصوص الأخيار للزمخشري (٣/ ١٥١) والتذكرة الحمدونية لأبي المعالي بهاء الدين بن حمدون (٣/ ١٩٣).
(٢) خلاصتها: أنه لما ولي هشام بعث إليه واستنطقه، فقال: أعوذ بجلال الله أن يأتمن اللهُ خوّاناً أو يستخلف خزّاناً؛ إنّ أئمته القوّامون بأحكامه، الراهبون لمقامه؛ لم يولِّ الله وثّاباً على الفجور، ولا شرّاباً للخمور، ولا ركّاباً للمحظور. ... فقطع هشام يديه ورجليه. انظر أيضاً التذكرة الحمدونية (٣/ ١٩٣) وربيع الأبرار (٣/ ١٥٢).