كيفية بداية الدولة العباسية:
  وإسماعيل، وعبد الصمد، وأخوه أبو جعفر، وابن عمه عيسى بن موسى بن محمد(١).
  وظل العباسيون - طول المدة السرية لدعوتهم - لا يذكرون للناس أنهم طلاب خلافة، وإنما يذكرون لهم أنهم يطلبون إسقاط الدولة الأموية الجائرَة التي طالما أرهقتهم بعسفها وظلمها، وطالما احتكرتهم لمآربها وشهواتها، مع الاستبداد بالشعب واستعباده مع ما يعيش فيه الأمويون من ترف بالغ أفسد داؤه الحكم إفساداً لا صلاح لها بعده إلا بمحوهم محواً.
  وبذلك وارى العباسيون أشخاصهم، وقدموا القضية التي نصبوا أنفسهم للدفاع عنها قضية نصرة الحكم الصالح، ونصرة الحق والعدل على الباطل والظلم المتصل، ولكي يُحكموا خطتهم كانوا لا يأخذون البيعة لأنفسهم بالخلافة إنما يأخذونها لإمام رضاً من آل البيت النبوي $؛ وذلك لميل الناس إلى أهل البيت $ المتمثلين في أولاد فاطمة الزهراء، وتعلقهم بهم؛ لما يعرفون من فضلهم ومنازلهم التي أوضحها التنزيل وسنة النبي الكريم ÷، وحتى لا يثيروا أبناء عمهم العلويين عليهم، بل حتى يجمعوهم تحت لوائهم، وكانوا يشيعون دائماً أنهم نهضوا لهذا الأمر كي يثأروا للشهداء من أبناء فاطمة الزهراء.
  وكان أبو سلمة الخلال الذي لقبوه بلقب (وزير آل محمد) يرى أن يختار للخلافة أحد أحفاد علي بن أبي طالب، ومن أجل ذلك أخفى أمر أبي العباس وأهله حين نزلوا الكوفة وعزلهم عزلاً تامّاً عن جند خراسان، غير أن أبا العباس استطاع
(١) نهاية الأرب (٢٢/ ٣٧، وما بعدها)، تاريخ الإسلام (٨/ ٣٣٦)، وغيرهما.