كيفية بداية الدولة العباسية:
  نعم، ولما استقرت الأمور وهدأت لملوك بني العباس وتيسرت لهم أسباب الرَّاحة والرَّفاهية مالوا إلى الرّاحة والرّفاهية، وتفننوا في ذلك وابدعوا، فطوَّروا الألحان وأصوات العيدان، ومهروا في تلقين ذلك الجواري والغلمان، وراج الخمر في ذلك العهد وأتقنوا صناعته، وكادت العلوم تنحصر في ذلك العهد في علم الغناء والعيدان، والخمر، فقد تعددت فنونه وتنوعت.
  وقد اختار الرشيد من أصوات الغناء والألحان مائة صوت، واختار الواثق من المائة عشرة، وصنف أمير المؤمنين عبد الله بن المعتز تصنيفاً بليغاً في تحليل الخمر متى مزجت بالماء(١).
  وكان أبو العباس السَّفاح يشرب الخمر في الأسبوع ليلتين ولا يعين الليالي، كما كان مروان يفعل، وكان أبو جعفر يشرب الخمر عشية الثلاثاء من كل أسبوع، وكان المهدي والهادي يشربان يوماً ويدعان يوماً، وكان هارون يشرب في كل أسبوع،
= (١٣٨ - وانتهت ٤٢٢ هـ) قصة فراره ذكرها بتفاصيلها ابن الأثير في الكامل (٥/ ٧٧) وللمزيد انظر التنبيه والإشراف للمسعودي (ص ٢٨٧) وتاريخ دمشق (٣٥/ ٤٤٥) وتاريخ الإسلام للذهبي ت تدمري (١١/ ٢٣٩) وتاريخ ابن خلدون (٤/ ١٥٤) وهناك كتاب (تاريخ الدولة الأموية في الأندلس) للدكتور عبد المجيد نعنعي.
(١) يؤيد هذا ما في شذرات الذهب حيث قال: وله في الخمر المطبوخة، وهو معنى بديع، وفيه دلالة على أنه كان حنفي المذهب:
خليلي قد طاب الشّراب المورّد ... وقد عدت بعد النّسك والعود أحمد
فهات عقارا في قميص زجاجة ... كياقوتة في درّة تتوقّد
انتهى من شذرات الذهب (٣/ ٤٠٨). وذكر في الأعلام للزركلي (٤/ ١١٨) في ترجمته أنه ألف كتباً كثيرة منها كتاب الجامع في الغناء. اهـ وله أشعار كثيرة في الخمر تدل على شربه لها.