شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

عودة إلى ذكر عيسى بن زيد (ع)

صفحة 247 - الجزء 1

  من مجلسه فأجلسه فيه، وجلس بين يديه، فأجابه عن المسألة ثم ودعه وانصرف، وكان سفيان يقول: حُبُّ بني فاطمة والجزع لهم مما هم عليه من الخوف والقتل والتطريد يُبكي من في قلبه شيءٌ من الإيمان⁣(⁣١).

  وحكى أبو الفرج في كتابه الصغير [٣٥٢]، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثني محمد بن سالم بن عبد الرحمن، قال: قال لي علي بن الأحمر: حدثني أبي، قال: كنت أجتمع أنا وعيسى بن زيد، والحسن وعلي ابنا صالح بن حي، وإسرائيل بن يونس بن إسحاق، وجناب بن بسطاس، في جماعة من الزيدية في دار بالكوفة، فسعى ساع بأمرنا إلى المهدي ودلهم على الدار، وكتب إلى عامله بالكوفة بوضع الأرصاد علينا، فمتى اجتمعنا كبَسَنَا وأخذنا ووجَّه بنا إليه، فاجتمعنا ليلة في تلك الدار وبلغه خبرنا، فهجم علينا، ونَذِر⁣(⁣٢) القوم وكانوا في علو الدار، فتفرقوا ونجوا جميعاً، فأخذني وحملني إلى المهدي فدخلت عليه، فلما رآني شتمني بالزاني، وقال لي: يا ابن الفاعلة؛ أنت الذي تجتمع مع عيسى بن زيد تحثه على الخروج عليّ، وتدعو إليه الناس؟

  فقلت له: يا هذا، أما تستحيي، ألا تتقي الله ولا تخافه، تشتم المحصنات وتقذفهن بالفاحشة، وقد كان ينبغي لك ويلزمك من دينك وما وليته أن لو سمعت سفيهاً يقول مثل ذلك أن تقيم عليه الحد؟

  فأعاد شتمي، ثم وثب إليّ، وجعل يضربني بيده، ويخبطني برجليه ويشتمني،


(١) مطلع البدور في ترجمة سفيان الثوري (٢/ ٣٢٦).

(٢) نَذِرَ القوم بالعدوّ: علموا، وبابه طَرِبَ. انتهى من مختار الصحاح.