عودة إلى ذكر عيسى بن زيد (ع)
  فقلت: إنك لشجاع حتى قويت على شيخ مثلي، تضربه لا يقدر على المنع من نفسه، ولا الانتصار لها.
  فأمر بحبسي والضيق عليّ، فقيدت بقيد ثقيل، وحبست سنين، فلما بلغه وفاة عيسى بن زيد بعث إليّ فدعاني، وقال: من أي الناس أنت؟
  قلت: من المسلمين.
  قال: أنت عربي؟
  قلت: لا.
  قال: فمن أي الناس؟
  قلت: كان أبي عبداً لبعض أهل الكوفة فأعتقه فهو أبي.
  قال لي: إن عيسى بن زيد قد مات.
  فقلت: أَعْظِم بها مصيبةً، ¦، لقد كان عبداً ورعاً، مجتهداً في طاعة الله، غير خائف لومة لائم.
  ثم قال: أما علمت بوفاته؟
  قلت: بلى!.
  قال: فلم لا تبشرني بوفاته؟!.
  قلت: لم أحب أن أسرَّك بأمر، لو عاش رسول الله ÷ فعرفه لساءه.
  فأطرق طويلاً ثم قال: ما أرى في جسمك فضلاً للعقوبة، وأخاف أن أستعمل شيئاً منها فتموت، وقد كُفيت عدوي، فانصرف في غير حفظ الله، والله لئن عدت لمثل ما فعلت لأضربنَّ عنقك.
  قال: فانصرفتُ إلى الكوفة، فقال المهدي للربيع: أما ترى قلة خوفه وشدة قلبه؟