شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الثالث: الرشيد (الغوي) هارون بن محمد بن عبد الله (ت 193 هـ)

صفحة 253 - الجزء 1

  الذين عناهم الناظم # - وأولهم معاوية، ثم إلى آخر خلفاء الدولتين، فإن سمات الكُفر عَلَيْهِم ظاهرة؛ بل إنهم قد أحاطوا بالكفر من جميع جوانبه، وأخذوا بجميع أكنافه، وتجاوزوا بأفعالهم وجرائمهم الفراعنة والقياصرة والأكاسرة، ولم يدعوا باباً من أبواب الكُفر والضلال إلا دخلوه، وما كان نطقهم بالشهادتين إلا كنطق المنافقين أو أسوأ اعتباراً منه.

  هذا، ولم تكن الخلافة إبَّان الدولتين إلا عبارة عن مجمَّع حافل بجميع أنواع الكفر والفسوق والطغيان، والإثم والعدوان، في عصائب وكتائب من أرجاس البشر، تحت شعار الخلافة وإمرة المؤمنين.

  هذا، ولا يحتاج في إثبات ما ذكرنا إلى إقامة الدلائل والبراهين؛ بل يكفي القارئ أن يقرأ كتب التاريخ التي كتبها المؤرخون، وسيجد صحة ما ذكرنا.

  وذلك أن معاوية إمام المتسلطين، وأفعاله بين الملأ الإسلامي متواترة، وسيرته مشهورة، وأحداثه على الألسن مذكورة، وكذا ابنه يزيد المشؤوم، وكذلك مروان اللعين الطريد، وكذلك سائر خلفاء بني أمية، ثم خلفاء بني العباس.

الثالث: الرشيد (الغوي) هارون بن محمد بن عبد الله (ت ١٩٣ هـ)

  واسمه هارون بن محمد بن عبد الله، ويسمى بالرشيد، وهو من الغاوين عند الله وعند الصالحين.

  بويع له بالخلافة يوم مات أخوه موسى، وتوفي ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ١٩٣ هـ.

  وهارون هو الذي رتب طبقات المغنين واختار الأصوات، وكان يجزل العطاء في جوائزه للمغنين والندماء، فراج الغناء في عهده وتطوَّر، وأقبل الناس على تعلمه