الثالث: الرشيد (الغوي) هارون بن محمد بن عبد الله (ت 193 هـ)
  حتى نساء بني العباس ورجالهم، فمن نسائهم عُليَّة بنت المهدي أخت الرشيد، يُضرب بها المثل في جودة الغناء، ومن رجالهم إبراهيم بن شكلة شيخ المغنين، على أنه قد ولي الخلافة مدة.
  قال أبو فراس:
  منهم عليَّة أم منكم وهل لهمُ ... شيخ المغنين إبراهيم أم لكمُ
  إبراهيم(١) هو ابن المهدي، وهو أخو الرشيد، وعُلَيّة كذلك أخته(٢).
(١) إبراهيم بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور الدوانيقي العباسي (١٦٢ - ٢٢٤ هـ) أبو إسحاق، ويقال له ابن شكلة، الأمير، أخو هارون الرشيد. في ترجمته طول، وفي أخباره كثرة. ولد ونشأ في بغداد، وولاه الرشيد إمرة دمشق، ثم عزله عنها بعد سنتين، ثم أعاده إليها فأقام فيها أربع سنين. ولما انتهت الخلافة إلى المأمون كان إبراهيم قد اتخذ فرصة اختلاف الأمين والمأمون للدعوة إلى نفسه، وبايعه كثيرون ببغداد، فطلبه المأمون، فاستتر، فأهدر دمه، فجاءه مستسلما، فسجنه ستة أشهر، ثم طلبه إليه وعاتبه على عمله، فاعتذر، فعفا عنه. وكانت خلافته ببغداد سنتين إلا خمسة وعشرين يوماً (٢٠٢ - ٢٠٤ هـ) وتغلب على الكوفة والسواد، والمأمون بخراسان. وأقام في استتاره ست سنين وأربعة أشهر وعشرة أيام، وظفر به المأمون سنة ٢١٠ هـ. وكان أسود حالك اللون، عظيم الجثة .... ، إلى قوله: حاذقاً بصنعة الغناء. وأمه جارية سوداء اسمها (شكلة) نسَبَهُ إليها خصومه. مات في سر من رأى. وصلى عليه المعتصم. اهـ بلفظه من الأعلام (١/ ٥٩).
(٢) عُلَيَّةُ بنت المهدي بن المنصور الدوانيقي، من بني العباس: أخت هارون الغوي، أستاذة اللهو والمجون، مولدها (١٦٠ هـ) ووفاتها ببغداد (٢١٠ هـ) كما في الأعلام للزركلي (٥/ ٣٥) وفيه: كان أخوها إبراهيم ابن الْمَهْدِي يأخذ الغناء عنها. وكان في جبهتها اتساع يشين وجهها؛ فاتخذت عصابة مكللة بالجوهر، لتستر جبينها، وهي أول من اتخذها. ونقل في الأعلام عن الصولي اشتغالها باللهو في أيام عادتها.
وفي الوافي بالوفيات (٢٢/ ٢٢٩) في سياق ترجمتها: ولها ديوان شعر معروف بين الأدباء، عاشت خمسين سنة، وتوفيت سنة عشر ومائتين، وكان سبب وفاتها أن المأمون سلم عليها فضمها إليه وجعل يقبل رأسها ووجهها مغطى فشرقت من ذلك ثم حمت، وماتت لأيام يسيرة، وكانت =