شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الأدلة على حدوث القرآن

صفحة 284 - الجزء 1

الأدلة على حدوث القرآن

  ومن تلك المذاهب الفكرية التي دعا الواثق إلى تفنيدها: القول بقدم القرآن، فإنه دعا إلى إبطال هذا القول، وجنح إلى القول بحدوث القرآن.

  هذا، والقول بحدوث القرآن هو المذهب الحق كما ذكره شيخنا #، لقيام الأدلة العقلية والنقلية على ذلك.

  أما دلالة العقل: فلا شك أن القرآن كلام مرتب كلمة بعد كلمة، وحرف بعد حرف، والكلمةُ المسبوقةُ بكلمةٍ محدثةٌ، وكذلك الحرف المسبوق بحرف، وهذا معروف بالبديهة.

  فإن قيل: هذا الاستدلال ظاهر على من يقول: إن كلام الله تعالى هو هذا المسموع، أما من يقول: إن كلام الله تعالى معنًى غير هذا المسموع، وهذا المسموع إنما هو ترجمة لذلك المعنى النفسي.

  فنقول: المعنى النفسي لا يوصف بأنه كلام في لغة العرب؛ إلاَّ على سبيل التوسع والمجاز، عُلِمَ ذلك بالاستقراء والتتبع لكلام العرب فلم يبق النزاع إلاَّ في هذا المسموع، وقد بَيَّنا بدلالة العقل حدوثه، وأيضاً قد أطلق الباري سبحانه على هذا المسموع أنه كلامه بلا قرينة صارفة، وذلك في قوله سبحانه: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} وأجمع جميع المسلمين على أن القرآن كلام الله، وفي السنة النبوية كثير من الأدلة الصحيحة على أن هذا المسموع كلام الله سبحانه وتعالى.

  ومن أراد المزيد من المعرفة حول ذلك فعليه بكتب الكلام، كشرح الأساس، وشرح الثلاثين المسألة من كتب أئمتنا $، وغيرهما.

  وأما الدلالة النقلية: فقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}⁣[الأنبياء: ٢]، وهذه الآية تكفي في إثبات ما نقول به، وهناك