شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

(المستعين) أحمد بن محمد بن هارون (ت 252 هـ)

صفحة 302 - الجزء 1


= والتحنن عليهم، لم تظهر له زلة، ولا عرفت له خزيَّة، ومما أورده من المراثي فيه قول أحمد بن طاهر من قصيدة طويلة:

سلام على الِإسلام فهو مُوَدَّعُ ... إذا ما مضى آل النبي فودّعُوا

فَقَدْنا العلا والمجد عند افتقادهم ... وأضحت عروش المكرمات تَضعْضَعُ

أتجمعُ عَيْنٌ بين نوم ومضجع ... ولابن رسول اللّه في الترب مضجع

فقد أقفرَتْ دار النبي محمد ... من الدين والِإسلام، فالدار بَلْقَعُ

وقُتِّلَ آل المصطفى في خلالها ... وبُحِّدَ شمل منهمُ ليس يجمع

ألم تر آل المصطفى كيف تصطفي ... نفوسَهُمُ أمُ المنون فتتبع

بني طاهر، واللؤم منكم سجية ... وللغدر منكم حاسر ومُقَنَّعُ

قواطِعُكم في الترك غيرُ قواطعٍ ... ولكنها في آل أحمد تَقْطَعُ

لكم كُلَّ يوم مشربٌ من دمائهم ... وغُلتها من شربها ليس تَنْقَعُ

رماحكم للطالبيين شُرَّعٌ ... وفيكم رماحُ الترك بالقتل شُرَّعُ

لكَمْ مرتعٌ في دار آل محمد ... وداركُمُ للترك والجيش مَرْتَعُ

أخِلتم بأن الله يرعى حقوقَكم ... وحَقُّ رسول اللّه فيكم مُضَيَّعُ؟

وأضحوا يُرَجُّون الشفاعةَ عنده ... وليس لمن يرميهِ بالوَتْرِ يَشْفَعُ

فيَغْلِبُ مغلوبٌ، ويُقْتَلُ قاتِلٌ ... ويُخْفَضُ مرفوعٌ، ويُدْنَى الْمُرَفَّعُ

وقال المسعودي: ولما قتل يحيى جزعت عليه نفوس الناس جزعاً كثيراً، ورثاه القريب والبعيد، وحزن عليه الصغير والكبير، وجزع لقتله المليء والدنيء، وفي ذلك يقول بعض شعراء عصره ومَنْ جزع على فقده:

بكَت الخيل شَجْوَها بعد يحيى ... وبكاهُ المهندُ المصقول

وَبَكَتْهُ الْعِرَاقُ شَرْقًا وَغَرْبًا ... وَبَكَاهُ الْكِتَابُ وَالتَّنْزِيلُ

وَالْمُصَلَّى وَالْبَيْتُ وَالرُّكْنُ وَالْحِجْـ ... ـرُ جَمِيعًا لَهُم عَلَيْهِ عَوِيلُ

كَيْفَ لَمْ تَسْقُطِ السَّمَاءُ عَلَيْنَا ... يَوْمَ قَالُوا: أَبُو الْحُسَيْنِ قَتِيلُ

وَبَنَاتُ النَّبِيِّ يُبْدِينَ شَجْوًا ... مُوجَعَاتٍ دُمُوعُهُنَّ تَسيلُ

ويُؤَبًنَّ للرزية بدر ... فَقْدُهُ مُفْظِعٌ عزيزٌ جَلِيلُ

=