مقدمة التحقيق
  حكى ذلك مولانا الشارح أيده الله بتأييده، حتى وصل الحال ببعض أهل الجهل الذين لا يفقهون هذه الهجمات إلى الترويج لهذه الفرق المنحرفة تارةً والتنكُّرِ لمبادئ هذا المذهب الشريف تارة أخرى، والاستهزاء برموزه وأعلامه الذين ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين تارة ثالثة، واتهامه بالانحراف والاعوجاج، والخطل في الطريقة والمنهاج تارةً رابعةً - لا قوة إلا بالله -.
  هذا مع اعتراف الجميع بمضمون الحديث المتواتر: «لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» وصدقِ خبرِ: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يقاتل آخرهم الدجال» في الزيدية، وكذا كونهم سفينة نوح في كل زمان، وطلوع نجم هادٍ منهم كلما أفل نجمٌ بادٍ، وأنه لا يخلو زمان من وجود حجةٍ هادية، من أعلام الذرية المباركة، إما بطلاً هصوراً ظاهراً مشهوراً، أو مرشداً غيوراً، خائفاً مغموراً، كما في كلام الإمام إمام الكلام، المبين للأمة ما اختلفوا فيه بعد سيد الأنام، عليٍّ #: (اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة؛ إما ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً ... إلخ) وقد تحقق إجماعُ أهل البيت الطاهرين على هذا المفهوم، فالمشكك فيه جاهل ملوم، وهذا عارضٌ، وعند الله تجتمع الخصوم.
  نعم، وسيجد المطلع على هذا الشرح النفيس مصداقيةَ هذا فيما سيقرأه في طيَّاته، ويتنسمه من رحيق ثماره، وسينبهر أيضاً بغيره من المفاهيم الصحيحة، والأفكار الصائبة المليحة، التي اشتمل عليها هذا الشرحُ والمنظومةُ المشروحةُ التي نترك الحكمَ فيها للقارئ الفهيم، والمطلعِ ذي اللبِّ السليم حين يقرأها بنفسه، ويتفهمها بذوقه وحسّه، لئلا نطيل عليه، أو نحصل له ما هو حاصلٌ لديه.