تأريخ أسود وصورة من ظلم بني أمية وبني العباس
  قلت: والعجب من علماء الأمصار كيف يتعصبون لخلفاء بني أمية وبني العباس أشدَّ التعصب، ويدافعون عنهم، ويقررون لهم شرعية الخلافة واستحقاقها مع ما هم عليه من البغي والعدوان، والفسوق والعصيان، إلى الحد الذي صار معه ذلك داخلاً في هوياتهم وجزءاً من شخصياتهم، بينما تراهم في نفس الوقت يذكرون النصوص الواردة في أهل بيت نبيهم ÷ من القرآن الكريم ومن السنة النبوية على صاحبها وآله صلوات الله وسلامه، يروونها ويصححون أسانيدها، حتى إذا حاولت منهم، أو طلبت تفسير معناها، وبيانَ دلالتها على وجوب متابعة أهل البيت، وأنهم أهل الحق، وقرناء الكتاب وتراجمته، ووجوب مودتهم، و ... إلخ، نفروا عن ذلك أشد النفور، واستنكروا غاية الاستنكار، واضطربوا وبرطموا، وحكموا وجزموا ببطلان إمامتهم، وبالتبديع لهم في مذاهبهم، واستهزأوا بمقالاتهم ومؤلفاتهم، وضللوا متابعيهم، وأكثروا في ذمهم والتقبيح لهم(١).
  إذاً فما فائدة تلك النصوص التي يذكرونها في كتبهم ويصححونها؟ ما ذاك إلاَّ لإرادة الله ø إظهار الحق على ألسنتهم، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}[الأنفال: ٤٢].
  قال شيخنا الإمام الحجة # في كتابه (لوامع الأنوار) [ط ٥ ج ١/ ٤١١]: فقد صار الأمر في حالهم ما قص الله تعالى من أمثال قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}[النمل: ١٤].
(١) وقد قدمنا للقارئ الكريم في (ص ٣٤٨) جوهرة ثمينة من كلام العلامة المتحرر الدامغاني، مع أنه ليس بزيدي - تقرر لك تعجب كل منصف من صنيع علماء الأمصار المنتمين إلى السنة بزعمهم؛ فليراجعه فإن به إليه حاجة!.