شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الخوض فيما جرى من الصحابة وفيما شجر بينهم

صفحة 62 - الجزء 1

  ذلك من قوله سبحانه: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} الآية [التوبة ١٠١].

  وغير خافٍ أن هؤلاء المنافقين الذين تحَدَّثَتْ عنهم هذه الآية غير المنافقين المعروفين الذين كان يتَزَعَّمُهم عبد الله بن أبي بن سلول، وقد كان أتباع ابن سلول كثرة غالبة، يظهر ذلك - فيما ذكر - من رجوعه بثلث الجيش الذين خرجوا من المدينة يوم أحد، فلم يشهدوا مع الرسول ÷ الواقعة يومئذ، وهؤلاء معروفون يعلمهم الرسول ÷ وأصحابه.

  وهذه الآية التي ذكرنا تحدثت عن منافقين آخرين لا يعلمهم الرسول ÷ مع زكاء فطنته ÷ فإنه ÷ أزكى البشر فطنة وعقلاً.

  فلِمَا سبق نقول: لا داعي إلى الاستنكار على الزيدية في خوضهم فيما شجر بين الصحابة، وفيما جرى منهم مع ما ذكرنا من الآيات السابقة والأحاديث المشهورة التي تتحدث عما جرى منهم.

  وبذلك الذي تقدم من الآيات يتبين للناظر أن المراد من الآيات التي وردت في الثناء على الصحابة الثابت منهم على الهُدى والاستقامة، دون من تخلى عن ذلك واقترف المآثم، أو كان من أهل النفاق، فإنه لا حَظَّ له في رضوان الله و رحمته.

  ولا تكون الزيدية بذلك قد تجاوزت حدود القرآن، ولا دليل لأهل السنة والجماعة على تزكية كل فرد من أفراد الصحابة على الإطلاق، أو على بلوغه حدَّ العصمة، أو على أن الصحبة قداسة لا يُسأل معها الصحابي عما يفعل، أو على أنها حصانة تُخَوِّلُ صاحبها أن يعمل ما شاء من غير حساب ولا عقاب، بل قامت دلائل الكتاب والسنة على خلاف ذلك كله.