مقدمة التحقيق
مقدمة التحقيق
  
  الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وعلى نبينا الكريم، محمد بن عبد الله الهادي إلى الصراط المستقيم، أزكى وأنمى وأكرم الصلاة والتسليم، وعلى آله حماة الدين القويم، كريم التحيات والتعظيم، وشريف التبجيل والتكريم، وبعد:
  فيسرنا - أخي القارئ الحصيف - أن نقدم لك هذا الكتاب الكريم، والسفر النفيس القويم، المطابق لاسمه، ولما حواه رسمه، من المعاني العظيمة، والمفاهيم السليمة، والأفكار السديدة، والتحليلات الرشيدة، لِحِقَبٍ من الزمان متوالية، وفتراتٍ متعاقبة، الموسوم بـ (شقاشق الأشجان شرح منظومة عقود المرجان)، والذي هو بحقٍّ آياتٌ للسائلين، ومنارةُ هدى للمتأملين، وضالة مفقودة للمتوسمين، من ذوي العقول والألباب، ومحكِّمي نصوص السنة والكتاب، الذين لم يقربوا أبواب السلاطين، ولم يتدنسوا بالوقوف في جانب المتغلبين، ولم يلووا على الأهواء، أو يرجحوا طاعة الأسلاف والكبراء، ولم يَرَهُم الباري تبارك وتعالى محامين عن منصب، أو متلفعين بجلباب تعسف أو تعصب، بل حموا أنفسهم وحصنوها عن هذه الأدواء وما شاكلها، مما يصرف الإنسان عن اتباع الحق والمحقين، والانخراط في سبيل الصادقين، وهؤلاء هم المعنيون بهذا الخطاب، وأما غيرهم فنقول لهم: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ٥٥}، وإن كانوا أكثر الخلق خصوصاً في هذا الزمان الذي مال أهله إلى الدنيا، وطغى عليهم التقرب من أربابها، والتكالب على حطامها، ومحبة الترؤس على العباد، والتعالي على حاضرهم والباد، كما صوَّر ذلك