(فصل): [القرآن كلام الله تعالى وخلقه ووحيه وتنزيله]
  فذهب قوم إلى أنه تعالى متكلم لذاته، وهذا هو مذهب محمد بن عيسى الملقب ببرغوث(١).
  قال: ويأتي على هذا القول أنه نفى أن يكون له كلام(٢).
  قال: وذهب قوم إلى إثبات كلام له تعالى، واختلفوا: منهم من قال: كلامه تعالى هو هذا المتلو في المحاريب.
  وذهب آخرون إلى أنه ليس بكلام الله تعالى.
  قال: واختلف الأولون منهم من قال: بأنه قديم وهو قول الحنابلة، وأصحاب الحديث وأكثر الحشوية.
  ومنهم من قال بحدوثه وهم العدلية.
  قال: واختلفوا فذهب الشيخ أبو علي وأبو الهذيل إلى أن كلام الله تعالى باقٍ وفي حال قال: يحدث مع القارئ مثل كلام الله تعالى كما سيأتي بيانه عنه إن شاء الله تعالى.
  وذهب أبو هاشم وقاضي القضاة وغيرهما إلى أن كلام الله تعالى هو هذا المتلو وأن القراءة هي المقروء وأنه حكاية كلامه وأن الحكاية غير المحكي، وأنه يضاف إلى الله تعالى على المعنى العرفي والشرعي لكونه ø ابتدأه وخلقه لا على معنى أنه أحدثه في الحال.
  قال: وهذا هو الصحيح.
  قلت: وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى.
  قال: واختلف الآخرون: منهم من قال: كلام الله هو القرآن والتوراة والإنجيل وغير ذلك، وهو شيء واحد لا يتجزأ ولا يتبعض، وهو صفة واحدة قائمة بذاته تعالى ليس من قبيل الأصوات والحروف وهو مع ذلك توراة وإنجيل
(١) هو من المجبرة. (من هامش الأصل).
(٢) أي: كلام غيره تعالى والله أعلم. (من هامش الأصل).