(فصل): [القرآن كلام الله تعالى وخلقه ووحيه وتنزيله]
  قال: وذهب الشيخ أبو علي وأبو هاشم وقاضي القضاة وأبو عبدالله وغيرهم إلى أن الكلام من الأمور الزائدة على الجواهر وليس من الصفات ولا الأحكام، بل من قبيل الذوات على مثل قولهم في اللون والطعم.
  قال: وعندنا القول في ذلك واحد وهو أنها صفات للجواهر.
  قلت: يعني أن الألوان والطعوم والكلام سبيلها شيء واحد وهو أنها صفات للجواهر، وهو الحق الذي ذهب إليه أئمة أهل البيت $ لأنها كلها أعراض والأعراض صفات الأجسام كما سبق ذكره في حدوث العالم.
  قال: وقال النظام: الصوت جسم ينقطع بالحركة والكلام هو حركة اللسان.
  وقيل: إن الكلام هو القدرة على التكلم.
  قال: والذي يدل على صحة قولنا: أما أن الكلام والأصوات صفات زائدة على الجواهر فهو أن الجواهر والأجسام مشتركة فيما بينها ومفترقة في أن بعضها يسمع منه الصوت والحرف دون البعض، ولا بد أن يكون ما افترقت فيه ليس هو ما اشتركت فيه.
  ووجه آخر: وهو أنا: نقدر على الأصوات والحروف التي في الكلام ولا نقدر على الأجسام فلا بد أن يكون زائداً عليها ولأنها مسموعة والأجسام غير مسموعة فلا بد أن يكون زائداً عليها.
  ووجه آخر: وهو أنه كان يجب أن يفرق بين الأصوات بحاسة اللمس وكذلك بين الحروف متى كانت أجساماً لأن الأجسام ملموسة وذلك يقتضي أن يفرق بينهما الأصم وذلك محال.
  قال: وأما أنه ليس بذات فالذي يدل على ذلك أنه لا يُعلم بانفراده أعني الصوت ولا يستقل بنفسه بل لا بد في العلم به من العلم بالجوهر المختص به فلو كان ذاتاً لما صحت فيه هذه القضية، ألا ترى أنا متى سمعنا الصوت لا نعقله إلا مختصاً بجوهر ولا نعقله منفرداً فثبت أنه ليس بذات وكما أنا لا نعقله