(فصل): [القرآن كلام الله تعالى وخلقه ووحيه وتنزيله]
  مستقلاً بنفسه فإنا لا نحتاج في العلم به إلى اعتبار غير الجسم فلا يجوز أن يكون حكماً. انتهى.
  قلت: وهذا على اصطلاحهم في تسمية ما يعقل من الأشياء بين غيرين أو بين غير وما يجري مجرى الغير حكماً تسمية لا فائدة تحتها، وقد مر ذلك في فصل المؤثرات.
  وقد استدل المخالفون بشبه ضعيفة باطلة تركنا ذكرها اختصاراً.
[الاختلاف في جنس الكلام]
  وأما الاختلاف في جنس الكلام فقال العنسي: ذهب أبو علي إلى أن الكلام من قبيل الحروف ليس هو الصوت لا في الشاهد ولا في الغائب، ولهذا جعل القراءة غير المقروء فالقراءة صوت والمقروء كلام عنده وهذا هو ظاهر مذهب أبي الهذيل فقد قال: إن الكلام غير الصوت وليس يرجع به إلا إلى الحروف.
  قال: وذهب أبو هاشم إلى أن الكلام ما انتظم من الحروف والحرف هو الصوت الواقع على وجه الألف أو الياء أو الجيم أو الراء أو غير ذلك، والصوت والحرف أمر واحد وهو مذهب قاضي القضاة وأبي عبدالله والجعفرين وأبي القاسم وابن الإخشيد.
  وذهبت الأشعرية إلى أن الكلام معنى قائم بالنفس ليس من قبيل الحروف والأصوات شاهداً وغائباً.
  وذهبت الكلابية إلى مثل ذلك في الغائب دون الشاهد وأن الكلام عندهم من قبيل الأصوات والحروف.
  قال: فأما الشيخ أبو الحسين الخياط فكره الكلام في ذلك واستغفى منه.
  قال: وحجة من قال بأنه من قبيل الأصوات والحروف، أنه لا يجوز في العقل انفصال أحدهما عن الآخر فلا تعقل الحروف المنتظمة المسموعة إلا وهي كلام، ولا يعقل الكلام إلا وهو حروف منظومة مسموعة، ولا خلاف أن الصوت