شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [القرآن كلام الله تعالى وخلقه ووحيه وتنزيله]

صفحة 478 - الجزء 2

  ولأبي هاشم ثلاثة أقوال مرة قال: يحتاج إلى ذلك كما قال أبو علي.

  وقال مرة: لا يحتاج إلى الحركة بل إلى البِنيَة وهو قول الشيخ أبي علي بن خلاد.

  وقال مرة: لا يحتاج إلى ايهما وإنما هو يحتاج إلى المحل في وجوده.

  قال: وإنما القادر منا هو المحتاج إلى الآلات في حدوثه وإلى الحركة والاعتماد فيصح منه تعالى أن يوجد الكلام في جوهر واحد.

  وذهب الشيخ محمود بن الملاحمي إلى حاجة الكلام إلى البنية وإلى الحركة والمصاكة كمذهب أبي علي.

  وذهب قاضي القضاة إلى أن الصوت والكلام إنما يحتاج إلى المحل في وجوده شاهداً وغائباً ولا يصح وجوده لا في محل وإنما يحتاجان إلى ذلك من فعلنا وهو قول الشيخ الحسن بن أحمد بن متويه.

  قال العنسي: واحتج أصحابنا على حاجته إلى المحل بأنه يتولد عن اعتماد الجسم عن الجسم ومصاكته له فلا يجوز أن يُولَّد ذلك على هذا الشرط إلا في محل لأن الاعتماد والمصاكة لا يوجدان إلا في محل.

  قال: ولقائل أن يقول: إذا كانت حاجته إلى ذلك لما يُوَلِّدُه أو يشرط فيه وقد ثبت أنه تعالى قادر على إيجاده ابتداء صح وجوده لا في محل.

  قال: وليس يقع إشكال ولا خلاف في حاجة الصوت من فعلنا إلى محل والكلام إلى بِنْيَة مخصوصة ولهذا لم يصح منا إيجاد الكلام في اليد والرجل وإنما الكلام في أن ذلك هل هو لأمر راجع إلى الصوت والحروف فيجب فيه تعالى أن لا يصح منه إيجاد ذلك لا في محل ولا في غير البنية أم هل هو لأمر راجع إلى الفاعل؟

  قال: وعندنا أن حاجة الأعراض إلى المحالّ لأمرٍ راجع إليها وهو حاجة الصفة في ثبوتها إلى الموصوف سواء وصفت بها المحال في اللغة العربية أو عقل كونها صفة لها وإن لم يسمع ذلك من أهل اللغة؛ لأن الأوضاع لا تخرج الشيء عما هو عليه ولا تحيله إلى غيره.