(باب: والشريعة)
  والصورة الثانية مثل الأولى في وجوب الاعتكاف والصوم جميعاً.
  وأما الصورتان الأخريان فاختلف العلماء فيهما وهما أن يقول: نذرت اعتكاف يومي من غير تقييد للاعتكاف بصوم أو يقول: علي لله اعتكاف يوم فمذهب الشافعي أنه لا يجب الصوم مع الاعتكاف في هاتين الصورتين وذلك لأن كل واحد من الصوم والاعتكاف عبادة مستقلة ولم يذكر إلا الاعتكاف فوجب من دون الصوم.
  ومذهبنا ومذهب الحنفية وجوب الصوم في الصورتين مع الاعتكاف وذلك لأن الاعتكاف نفسه ليس بقربة وإنما القربة الصوم فلزم.
  واحتج أصحابنا والحنفية في هاتين الصورتين بقياس العكس فقالوا: لما وجب الصوم في الاعتكاف بالنذر كما ذكر في الصورتين الأولتين وجب الصيام في الصورتين الآخرتين، وعكسه الصلاة في حال الاعتكاف فإنها لما لم تجب في الاعتكاف بالنذر إجماعاً كما ذكر في الصورة الأولى لم يجب في الصورتين الآخرتين، فالأصل هو الصلاة في النذر بالاعتكاف، والفرع هو الصوم في الصورتين الآخرتين، وحكم الصلاة أنها لا تجب في الاعتكاف كما ذكر فالثابت في الصوم ضد هذا الحكم المذكور في الصلاة وهو أنه يجب في الاعتكاف بالنذر كما ذكر فيجب في مطلق الاعتكاف وشمل هذا القسم الصورتين الآخرتين فحكم الأصل وهو الصلاة عدم الوجوب وحكم الفرع وهو الصوم الوجوب فالعلة فيهما أن الصلاة غير شرط في الاعتكاف والصوم شرط فثبت في الفرع الذي هو الصوم حكم هو الوجوب وهو ضد لحكم الأصل الذي هو الصلاة؛ إذ حكمها عدم الوجوب بضد علة الأصل لأن علة الصلاة في عدم الوجوب أنها ليست شرطاً في الاعتكاف وضدها أن الصوم شرط فوجب في الاعتكاف والله أعلم. ذكر هذا في حاشية الفصول.
  قال: واعلم أن مدعي الإجماع على أن الصلاة غير واجبة في الصورة الأولى