شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 532 - الجزء 2

  إن أراد أنه لا يلزم الناذر الجمع بينهما بالإجماع فهو صحيح، وإن اراد أنه لا يلزمه كلاهما بالإجماع فهو ممنوع فإن مذهب الشافعي أنهما يلزمان الناذر لكن له أن يفعل الصلاة في غير هذا اليوم الذي نذر فيه بالاعتكاف. انتهى.

  قلت: وكلام الشافعي أقرب والله أعلم؛ لأن الناذر قد أوجب الصلاة على نفسه ولا يلزم ما ذكروه من أنها غير مقدورة لأنه يحمل على المقدور المعروف فالوقت الذي يكون عقيب التسليم معفو عنه وكذلك وقت الوضوء والعذر فلم يدخل في قصد الناذر كما قالوه في الاعتكاف نفسه أنه يخرج من المسجد لقضاء الحاجة والتطهر ونحو ذلك من الأعذار ولم يقولوا إن النذر بالاعتكاف غير مقدور.

  وقول أهل المذهب أن العلة في وجوب الصوم في مطلق الاعتكاف كونه شرطاً فيه بدليل وجوبه لا الصلاة حيث أوجبهما مع الاعتكاف على نفسه فلما لزم الصوم دون الصلاة علمنا كونه شرطاً في الاعتكاف دونها غير واضح؛ لأن لقائل أن يقول: إن سلمنا عدم وجوبها فمن أين علمتم أن الصوم إنما وجب لكونه شرطاً في الاعتكاف فما يؤمنكم أنه إنما وجب بإيجاب الناذر له على نفسه لا لكونه شرطاً في الاعتكاف وأن الصلاة إنما لم تجب لأمر آخر مما يمكن تقديره لا لأجل كونها غير شرط فإن الإنسان قد يوجب على نفسه عبادتين ليس إحداهما شرطاً في الأخرى وتجبان عليه معاً كالاعتكاف وقراءة القرآن فإنه إذا قال: لله علي اعتكاف يومي تالياً للقرآن وجب عليه الاعتكاف والقراءة مع أن القراءة ليست شرطاً في الاعتكاف اتفاقاً فلو كان العلة في عدم وجوب الصلاة كونها غير شرط في الاعتكاف للزم أن لا تجب قراءة القرآن في هذه الصور، وما يؤمنكم أن يكون الصيام والاعتكاف عبادتين مستقلتين ليس إحداهما شرطاً في الأخرى كما كانت الصلاة والاعتكاف، والاعتكاف والقراءة كذلك والله أعلم.

  (وله) أي للقياس (أقسام تفصيلها في كتب الأصول).