(باب: والشريعة)
  ومرادهم في القطعي العقلي أن مخالفه مخط آثم كافر إن خالف ما علم من ضرورة الدين كنفي الصانع وكل ما يتعلق بمعرفة الله تعالى من توحيده وعدله وحكمته وتصديق أنبيائه، والإقرار بهم ولا شك أن ذلك معلوم بالعقل وأنه من ضرورة الدين لأن الله سبحانه قد نصب لمعرفة ذلك أدلة واضحة وأعلاماً بينة لكل عاقل فلا يتهيأ جهلها إلا لمن سلبه الله تعالى العقل الذي هو الحجة عليه أو من عاند في ذلك لا يقال: فإن المجبرة والمشبهة طوائف كثيرة وقد خالفوا في عدل الله وتنزيهه ويبعد أن يكونوا معاندين لأنهم متمسكون بشريعة النبي ÷ ويتحرون في أمر دينهم.
  لأنا نقول: لا بُعد في أن يكونوا معاندين في خلافهم لأنهم قد أسسوا مذهبهم على إنكار حجة العقل وهو جحد للضرورة واتبعوا أهواءهم وما تشابه من القرآن وقد أمروا برده إلى المحكم فلزمهم حينئذ ما لزم الملاحدة والباطنية والطبائعية ونحوهم من الكفر.
  وإذا ثبت حكم العناد في المجبرة والمشبهة ونحوهم ففي الملاحدة والطبائعية والباطنية ونحوهم أولى، ولا حكم لنظرهم واجتهادهم لرفضهم حكم العقل واتباعهم هوى النفوس ودواعي الشيطان مع قيام حجة الله سبحانه وتعالى عليهم ولهم ظاهرة غير خافية في الآفاق وفي أنفسهم فهم معاندون ولو لم يكونوا معاندين لكانوا معذوروين غير معاقبين لأن الله سبحانه قد رفع إثم الخطأ والنسيان عموماً فلا فرق بين خطإٍ وخطإٍ ونسيانٍ ونسيان.
  وقول الجمهور: وإلا فمخطئ أي من أخطأ في العقليات القطعيات في غير معرفة الله سبحانه وما يتعلق بها من معرفة رسله وتصديقهم وذلك كثير كمسألة الجوهر الفرد ومسألة الطفر ومسألة الكون الموجب للكائنية وغير ذلك فإنه لا يكفر من أخطأ الحق في ذلك.
  وقولهم في القطعي السمعي: ومخالفه مخط آثم قطعاً كافر إن علم من ضرورة