(باب: والشريعة)
  الدين كأصول الشرائع بناء منهم على أن المخالف في ذلك لا يكون إلا معانداً لأن ما علم من ضرورة الدين لا يتهيأ الاجتهاد والنظر في خلافه إلا عناداً.
  وقولهم في القطعي السمعي الذي لم يكن من ضرورة الدين وإلا فمخطٍ يحتمل أنهم يريدون أنه مخطئ آثم بناء على أنه لا يخفى القطعي على أهل الاجتهاد والنظر فيكون خلافه عناداً فلو فرضنا خفاءه عليهم كان الحكم فيه وفيما لم يكن معلوماً من ضرورة الدين واحداً وهو عدم الإثم وهذا هو غير ما ذكره الإمام #.
  فإن قيل: ومن أين لكم هذا التأويل الذي لم يصرحوا به.
  قلت: هذا هو المفهوم من كثير من مسائلهم منها ما ذكره الإمام # في نكاح المعتدة ومنها لو رمى إنسان طيراً فأصاب نبياً فقتله فإنه لا يأثم بذلك فضلاً عن أن يكفر وإن كان قتل النبي صلى الله عليه كفراً. ... (١) ....
  وأما قول الجاحظ ومن وافقه: إنه لا إثم على المخالف المجتهد بخلاف المعاند فيلزمه رفع الإثم عن الملاحدة والباطنية ونحوهم(٢) لأنه لا فرق بين اجتهادهم واجتهاد المجبرة والمشبهة لأنهم جميعاً يدعون أنهم لم يعاندوا، وأن الحق بأيديهم.
  وأما قولهم بعد قبول الإسلام فالتسمي بالإسلام لا يصلح أن يكون وجهاً فارقاً لأن العلة في رفع الإثم إن كان هو الاجتهاد فكلهم مجتهدون وإن كان هو التسمي بالإسلام فالتسمي بالإسلام من غير حصول الإسلام وثبوته لا معنى له.
  وأيضاً يلزم من ذلك أن يرتفع الإثم عن ذلك المخالف المتسمي بالإسلام ولو عاند لأن العلة في رفع الإثم حينئذ هو التسمي بالإسلام. .... (٣) ....
  وأما ما روي عن العنبري وداود في أن كل مجتهد مصيب في العقليات وأن
(١) بياض في الأصل إلى: وأما قول الجاحظ.
(٢) المجبرة. (من هامش الأصل).
(٣) بياض في الأصل إلى: وأما ما روي.