شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 549 - الجزء 2

  (وقوله تعالى: {لِيَحْكُمَ} الضمير فيه عائد إلى الكتاب المفيد للعموم) كما سبق (أي لتحكم تلك الكتب بين الناس فيما اختلفوا فيه من الأحكام التي عرفت بالكتب) المذكورة.

  وإنما قلنا: إن الأحكام عرفت بالكتب (بدليل قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ}) أي في الكتاب الذي أريد به العموم والمراد الاختلاف في أحكامه ({إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ}⁣[البقرة: ٢١٣]) أي إلا الذين أوتوا الكتاب الذي فيه بيان الأحكام (أي) الأمر (المختلف فيه) هو (من بعد ما جاءتهم البينات من نصوص تلك الكتب وأماراتها الدالة على أعيان الأحكام) والمعنى أن الاختلاف وقع من بعد إنزال الكتب وهي إنما أنزلت لإزاحة الاختلاف فعكسوا وجعلوا إنزال الكتب سبباً للاختلاف (فقال تعالى: {بَغْيًا بَيْنَهُمْ}⁣[البقرة: ٢١٣]) أي وقع الاختلاف بغياً بينهم أي لأجل البغي من بعضهم (لما كان الحق مع بعضهم فبغي عليهم) بالبناء للمفعول أي بغي على ذلك البعض الذي الحق معهم (بالمخالفة والشقاق لهم) حسداً وعدواناً (بعدما عُرِف) بالبناء للمفعول أيضاً (أن الحق) الذي أمر الله به (بأيديهم) أي بأيدي ذلك البعض المبغي عليهم (إما) أن يكون عرف ذلك (بما ذكرنا من النصوص والأمارات) التي في الكتب المنزلة أن الحق بأيدي ذلك البعض.

  (وإما) أن يكون عرف (بالنص) في تلك الكتب (على أن ذلك البعض) الذي بغي عليه بالمخالفة والشقاق (هو الموفق لإصابة الحق) وذلك نحو ما ورد في عترة النبي ÷، من (نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}⁣[الأحزاب]، وقوله ÷: «إني تارك فيكم ...» الخبر) تمامه: «ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».