شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب: والشريعة)

صفحة 8 - الجزء 3

  به عارفون في النسب والنقاء ليكون موضع القُنوع حتى لا يقول أحد أنا أولى كما لم يجز لأحد أن يدعي أنا أولى بالرسالة من الموضع الذي بعث الله منه نبيه وكذلك الإمامة في أرفع المواضع وهو معدن الرسالة لقطع الحجة.

  والدليل على ما قلنا إن الإمامة إذا خرجت من أرفع المواضع وأقربها إلى رسول الله ÷ ادعت كل فرقة من الأمة الإمامة ووقع الاختلاف وفي الاختلاف إبطال الدين.

  إلى قوله #: ثم أبان الأئمة من بعدهم ودل الأمة على رشدهم بدليلين مُبَيِّنين وعَلَمين مضيئين لا يحتملان لبس تغليط ولا زيغ شبهة تخليط، ولا يُطيق خلقهما متقن، ولا يحسن تخلقهما محسن، وليُّ ذلك منهما وفيهما ومُظهِرُ دلالة صنعه عليهما الله رب العالمين وهما ما لا يدفعه عن الله دافع ولا ينتحل صنعه مع الله صانع من القرابة إلى الرسول ÷ وما جعل من احتمال كمال الحكمة في من الإمامة فيه وحَدُّ الحكمة وحقيقة تأويلها: درك حقائق الأحكام كلها فاسمع لقول الله تعالى فيما ذكرنا من مكان قرابة المرسلين وما جعل الله من وراثة النبوءة من النبيين قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٦}⁣[الحديد].

  وقال القاسم بن علي # في كتاب الرد على الملحدين: الإمامة فرض من الله لا يسع أحداً جهلها؛ لأن الحكيم لا يهمل خلقه مع ما يرى من اختلافهم من الحجة على من عَنَد عن الحق والهداية لمن طلب النجاة من أوليائه والبيان لتلبيس أعدائه وإلا فقد ساوى بين حقهم وباطلهم وفي ذلك ما يقول النبي ÷: «من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية».

  وقول الله ø: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ٧}⁣[الرعد]، فأخبر أن النبي ÷ منذر للعباد وأن لكل قوم هادياً إلى الحق في كل زمان يوضح ما التبس من الأديان ويرد على من دان بغير دين الإسلام.